ميدل ايست اونلاين
الخميسات (المغرب) – من نور الدين العويديدي
المغاربة يعيدون تمثيل الØروب السابقة ويلتقون بالأØضان ويÙترقون بالدموع ÙÙŠ مهرجان يعود الى عصر الصØابة.
Ø±ÙˆØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø¨Ø§Ø±ÙˆØ¯ تزكم الأنوÙØŒ والدموع تغمر العيون، والغبار المتطاير من ØواÙر الخيل يملأ الأجواء، ويضÙÙŠ على المكان هيبة وجلالا . . ملابس الÙرسان البديعة، وسروج الخيل المزخرÙØ© بألوان رائعة الجمال، والخيام الضخمة المزركشة، المبثوثة، ÙÙŠ كل مكان، على مد البصر، ÙÙŠ أراضي عشيرة "جناتن" البربرية البدوية، تطبع المكان بلمسة رومانسية بارعة، تØيل إلى ماض لا يزال Øاضرا بقوة ÙÙŠ المشاعر والنÙوس.
أناس من أعراق وقبائل شتى، يجتازون المÙازات والÙوارق بينهم، ويلتقون بالأØضان، بلهÙØ© وشوق، كأنهم الإخوان.. بل أكثر من الإخوان.. يلتقون جميعا ÙÙŠ مهرجان يقام هذه الأيام قرب مدينة الخميسات، ÙÙŠ منطقة الأطلس، ÙÙŠ المغرب الأوسط، وهو مهرجان من نوع خاص، تجتمع Ùيه أشياء عديدة لا تجتمع ÙÙŠ أي مهرجان سواه ÙÙŠ العالم..
إنه أكثر من مهرجان . . موعد يضرب مرة ÙÙŠ العام، ÙÙŠ ظرو٠الخصب، والاستقرار السياسي، تلتقي Ùيه Ø£Ùواج من الناس من العرب وإخوانهم البربر، ÙÙŠ أجواء روØانية واجتماعية رائعة، يمتزج Ùيها الطرب البربري والعربي بألعاب الÙروسية، ÙˆØªØ°Ø¨Ø Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø§Ø¦Ø ÙƒÙ„ يوم، ويعاد تمثيل Ø£Øداث الماضي الغابر المطبوع بØروب القبائل على الكلأ والماء والأرض، ولكن Ø¨Ø±ÙˆØ Ø£Ø®ÙˆÙŠØ© تطوي الØروب والخصومات، وتقيم بدلا منها مشاعر المØبة والولاء والتآخي.
تØال٠قبلي على قاعدة دينية
إنه مهرجان "الطوايط" والمÙرد "طاطا"ØŒ الذي يعيد Ø¥Øياء عهد وتØال٠قبلي قديم، ÙŠØتÙÙ„ الناس بذكرى توقيعه، بمشاعر Ù…Ùعمة، تختلط Ùيها الØقائق بالأساطير، وتمتزج الوقائع بقصص الجن والعÙاريت Ùˆ"الأسياد"ØŒ أصØاب الجاه والØظوة والسلطان.
Ùˆ"الطاطا"ØŒ وربما كانت كلمة بربرية، علاقة تØال٠ومؤاخاة بين قبائل كانت متنازعة، سالت بين أبنائها دماء غزيرة، وتوصل Øكماؤها ÙˆÙقهاؤها ورجال العلم والتصو٠والدين Ùيها، الذين ضرستهم الØروب، وسبكت معادنهم التجارب وتقلبات الزمان، إلى صيغة دينية واجتماعية مبدعة وخلاقة، تØÙظ الدماء، وتضع للØرب Øدا، وتØيل مشاعر العداء والتنابذ إلى مشاعر مؤاخاة ومودة قل لها النظير، وتضمن لها الاستمرار والدوام، عبر ابتداع أشكال عبقرية من العلاقات يقل، بل ربما ينعدم، Ùيها الاØتكاك، الذي تولده ظرو٠الØياة والمعايشة، ويصنع بين الناس الØزازات والعداوات والصراع.
ويختل٠عوام الناس ÙÙŠ تØديد تاريخ بدء هذا الØل٠القبلي، ولا يكادون يجمعون على تاريخ Ù…Øدد له، وما يجمع بينهم هو صيغ المبالغة ÙÙŠ تØديد هذا التاريخ، إذ يذهب به البعض إلى بدء الخليقة، ويرجعه آخرون إلى عهد الأنبياء الأولون، ÙˆÙÙŠ الØد الأدنى إلى عهد صØابة النبي Ù…Øمد عليه السلام. ÙÙŠ Øين تذهب الباØثة المغربية خديجة أولاد عدي إلى أن الظاهرة ترجع تقريبا إلى القرن الثالث عشر الميلادي، Øين كانت قبيلة "زمور"ØŒ وهي قبيلة بربرية كبرى، تعتبر بمثابة دولة داخل الدولة، تشمل بØمايتها القبائل الصغرى من Øولها لمنع القبائل الأخرى من العدوان عليها.
وقالت الباØثة أولاد عدي إن القبائل الصغرى المجاورة لقبيلة زمور كانت تتعرض لهجمات القبائل الأخرى، ÙÙŠ صراع مستمر على الماء والأرض ومناطق رعي الماشية، وأن Øكماء القبائل أقاموا ذلك الØل٠على شيء موØد يجمع القبائل البربرية مع القبائل العربية، ألا وهو الإسلام، الذي ترسخت جذوره ÙÙŠ المغرب، وصار قاعدة الإجماع الأهلي والرسمي ÙÙŠ المملكة السعيدة على امتداد قرون متطاولة.
ويبدو الطابع الديني للØل٠واضØا بجلاء من Øديث الناس، ومن أشكال العلاقة بينهم، خلال أيام المهرجان، ومن الطقوس التي تراÙÙ‚ Øركتهم، وأهم من ذلك من خلال وثيقة العهد، التي أكلت منها الأيام، وأعطبت أجزاء منها، Øتى صارت قراءة بعض ما Ùيها صعبة بل مستØيلة. وقد أطلعنا "عمي العربي"ØŒ على تلك الوثيقة، التي لا تØمل تاريخا Ù…Øددا، ويØتÙظ بها الرجل ÙÙŠ مغل٠بلاستيكي Ù„Øمايتها، ولا ÙŠØ³Ù…Ø Ù„Ù„Ø£Ø·Ùال بمجرد الاقتراب منها، Ùضلا عن لمسها، وذلك من أجل ØÙظها ÙˆØمايتها من التلÙØŒ باعتبارها الأساس القانوني لذلك الØل٠القبلي الموغل ÙÙŠ القدم.
ويبدو أن عددا كبيرا من الÙقهاء ووجهاء القبائل قد ساهموا ÙÙŠ صياغة هذه الوثيقة، يظهر ذلك من نصها المكون من Ùقرات قصيرة، مكونة من أربعة إلى خمسة أسطر، تبدأ كلها بالبسملة والصلاة والسلام على النبي، وتورد الكثير من الآيات والأØاديث النبوية.. وتØØ« الوثيقة على التقوى والتآزر والتآخي والوÙاء بالوعود والعهود والمواثيق، وتØذر من الغدر والخيانة، وتعد من ÙŠÙعل ذلك بالنار، ومن يجتنبه بالجنة والرضوان.
"سي عبد الرØمان" وهو Ø£Øد أعضاء هيئة الØكماء ÙÙŠ هذا الØل٠القبلي لا يتورع عن القول إن هذا الØل٠يرجع إلى عهد الأنبياء القدماء، وأنه متوارث بين الناس منذ ذلك الزمان. ولا تعدم من العوام الأميين من يقول لك إن الملائكة Øضرت توقيع وثيقة ذلك الØÙ„ÙØŒ وأن جبريل عليه السلام كان شاهدا عليه بنÙسه، وأن مجرد الإخلال به يقذ٠بصاØبه ÙÙŠ نار جهنم خالدا مخلدا.
"سي عبد الرØمان" ذاته، وهو عاشق للخيل وللمهرجان، ويشÙÙ‰ من أمراضه جميعا عندما يقترب موعد "الطوايط"ØŒ يعطيك ÙÙŠ Øديث ثان معه تاريخا آخر لبدء ذلك التØالÙ.. إنه يرجعه هذه المرة إلى عهد "الوقاص"ØŒ ÙÙŠ إشارة إلى الصØابي الجليل سعد بن أبي وقاص، خال النبي عليه السلام، ويقول واثقا مما يتØدث به، إنه هو واضع هذا العهد، ولا يجد ما يدعوه إلى مراجعة موقÙÙ‡ Øين يقال له إن الصØابي سعد لم يدخل شمال Ø¥Ùريقيا ÙÙŠ الÙتوØات الإسلامية، وأنه ÙØ§ØªØ Ø§Ù„Ø¹Ø±Ø§Ù‚ وبطل القادسية، ولم ييمم وجه شطر المغرب الكبير.. وإلى جوار سي عبد الرØمان كثيرون من كبار السن مثل سي Ù…Øمد وسي بوعزة يؤمنون بمثل هذه الاعتقادات إيمانا راسخا لا يقبل الجدل، وهو ما يضÙÙŠ على العقد والميثاق، الذي قام عليه الØÙ„ÙØŒ قدسية خاصة ÙÙŠ Ù†Ùوسهم، وهذا هو جوهر الأمر وبيت القصيد.
مواعيد المهرجان وتاريخه
"الØاج ميلود"ØŒ وهو Ø£Øد وجهاء قبيلة أولاد بورزين العربية المتØالÙØ© مع Ùخذي "آيت ع الله" Ùˆ"جناتن" البربريتين المنØدرتين من قبيلة "اØودران" يعطي سائله معلومات قريبة إلى الدقة والمعقولية بالنسبة لتاريخ الØÙ„ÙØŒ إذ يرجعه إلى أربعة أو خمسة قرون خلت. وتراه ÙŠÙصل لسامعه ظرو٠قيام هذا الØل٠وأسبابه الواقعية والتاريخية، ويعطي سائله معلومات ضاÙية ومÙصلة عن "مؤسسات" هذا الØÙ„ÙØŒ وآليات ØÙ„ الخلا٠Ùيه، ومواعيد اللقاء ودوريته. وتسمعه مرارا وتكرار يؤكد أن ØÙ„Ù "الطوايط" موجود بين العشائر المقيمة ÙÙŠ المناطق الممتدة من الرباط والدار البيضاء ÙˆØتى مدينة الخميسات، "ولكن ما بيننا وبين آيت ع الله وجناتن هو الÙائز بقصب السبق"ØŒ كما يقول.
وينتظم المهرجان ÙÙŠ الأصل مرة كل عام، لكنه ينقطع ÙÙŠ ظرو٠القØØ·ØŒ أو تراجع Ù…Øصول "الغلة" أو "الصابة"ØŒ أو إذا شهد المغرب ظروÙا سياسية غير عادية، مثل ÙˆÙاة ملك، أو وجود قلاقل أو Øرب. لكن المهرجان لم ينقطع Øتى ÙÙŠ عهد الاستعمار، Ùˆ"كانت Ùرنسا لا تقترب منا أو تمنعنا من اللقاء" كما قال سي Ù…Øمد وهو مسن جاوز السبعين، وشارك ÙÙŠ بعض Øروب Ùرنسا الاستعمارية قبيل استقلال المغرب ÙÙŠ عام 1956.
وكان المهرجان قد توق٠منذ عام 1983 بسبب الجÙا٠الذي عرÙته المغرب خلال الثمانينيات وجانبا من التسعينيات، وبسبب مشكلة الصØراء، ولم يعد إلى العمل به سوى العام الماضي، وقد أقيم ÙÙŠ ضياÙØ© عشيرة "آيت ع الله"ØŒ وأقيم هذا العام ÙÙŠ ضياÙØ© عشيرة "جناتن". أما العام القادم Ùمن المÙترض أن يستضي٠"أولاد بورزين" عشيرة "آيت ع الله"ØŒ على أن يستضيÙوا "جناتن" ÙÙŠ العام الذي يليه.
ويستضي٠أهل العشيرة، التي يقام المهرجان على أرضها، ضيوÙهم ÙÙŠ منازلهم وخيامهم، ويستØيلون إلى ما يشبه الخدم لدى هؤلاء الضيو٠المبجلين والمميزين، الذين يترأس كبيرهم مجلس الØÙ„ÙØŒ وينوبه كبير العشيرة المضيÙØ©. ولا يرد المضيÙون طلبا لضيوÙهم مهما كان. لكن الضيو٠يعرÙون طبعا "Øدود" طلباتهم. ويعيش أهل المكان وضيوÙهم Ùترة من الزمن ÙÙŠ مجتمع مثالي لا خلا٠Ùيه ولا مشاØنات. ويلعب الضيو٠دورا مهما ÙÙŠ Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ù…Ø§ Ùسد من علاقات اجتماعية بين الأخوة وأبناء العمومة بسبب الميراث والمشاØنات التي تولدها الØياة اليومية، ولا يستطيع المضيÙون، مهما كانت خلاÙاتهم، الاعتراض على مساعي Ø§Ù„ØµÙ„Ø Ø§Ù„ØªÙŠ يرعاها ضيوÙهم.
ويقام المهرجان لمدة أسبوع ÙÙŠ العادة، ÙˆØªØ°Ø¨Ø Ùيه العشرات بل ربما المئات من الذبائØØŒ لكن الظرو٠الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المغاربة وخاصة من أهالي الأريا٠والبوادي جعل Øكماء العشائر ووجهاءها يقررون تقصير مدة المهرجان إلى خمسة أو ستة أيام، مثلما يقررون منع البذخ والإسراÙØŒ Øتى لا يتم الإضرار بالØالة الاقتصادية للÙقراء من الناس.
إعادة تمثيل الماضي
معظم المغاربة ممثلون بارعون، وأكثرهم براعة ÙÙŠ التمثيل المتسولون، Ùقرب الأسواق، ÙÙŠ معظم المدن المغربية، تقام Øلقات يديرها Ù…ØترÙÙˆ كلام Ùˆ"Øكواتية" ورواة قصص قديمة، يظهرون براعات ÙÙŠ التمثيل لا تضاهى. ÙˆÙÙŠ مهرجان "الطوايط" يعاد تمثيل التاريخ القديم، تاريخ الغزو والØروب بين القبائل، وكيÙية الانتقال من Øال الØرب إلى Øال السلم.
ويبدأ مهرجان "الطوايط" بالتجمع ÙÙŠ الØقول وقضاء الليل هناك، مثلما كان ÙŠÙعل الرØÙ„ والغزاة ÙÙŠ الماضي البعيد.. عائلات تتجمع متباعدة تØت شجر الزيتون أو ÙÙŠ العراء، والخيول مربوطة بقربها. وعند الساعة السابعة صباØا يكتمل التجمع لمن لا يستطيع النوم ÙÙŠ العراء، يأتون بسياراتهم من كل Øدب، وتبدأ رØلة "الغزو" المستعادة.. زØ٠بطيء Ù†ØÙˆ موطن "العدو"ØŒ Ùˆ"عبيدات الرمى" بأسلØتهم يتقدمون ويطلقون النار كما كان جدودهم ÙŠÙعلون قبل قرون، وعند منتص٠الطريق ÙŠÙ„ÙˆØ "العدو" عن بعد وقد تجمع بنسائه ورجاله، كما كان ÙŠÙعل ÙÙŠ الماضي، ثم يبدأ "العدو" المستضي٠ÙÙŠ التقهقر، كأنما يضع مكامن للغزاة الزاØÙين.. يتقدم الركب من جهة ويتراجع الآخر من جهة ثانية، Øتى إذا اقتربت المسيرة الضخمة من Ù…ØÙ„ إقامة القبيلة المغزوّة يبدأ ما يشبه المÙاوضات ويتبادل الÙريقان المراسيل، والخيول تجوب الميدان الÙاصل بين الطرÙين، وتبدأ الأعلام البيضاء ÙÙŠ الظهور.
ÙˆØين يقترب الضيو٠"الغزاة" يقع إبعاد راكبي الØمير والبغال من الÙقراء من مكان الاستقبال، لأن الضيو٠أعز من أن يستقبلوا بغير الخيل المسومة البديعة، تملأ الميدان سباقات ومناÙسات بريئة.. وتبدأ الصÙو٠تتقارب، ÙˆÙŠÙ„ÙˆØ ÙÙŠ الأÙÙ‚ "الصلØ" بين الÙريقين، ثم يستقبل الÙريقان بعضهم البعض بالعناق والدموع Ùˆ"يتمرغون" ÙÙŠ الأرض تجديدا للØل٠القديم.
ويتميز ØÙ„Ù "الطوايط" بما لا يوجد ÙÙŠ سواه من الأØلا٠الأخرى بين القبائل مشرقا ومغربا. إذ يقوم على مؤاخاة بين قبائل وعشائر تØول التقاليد المرعية Ùيها دون زواج أبنائها بعضهم من بعض. ويروي الناس أنه لما أقيم Ø§Ù„ØµÙ„Ø Ø¨ÙŠÙ† القبائل، وسعيا لتثبيته ÙÙŠ النÙوس، تÙتقت عبقرية "القطب" (وهي إشارة صوÙية ÙÙŠ بلد عامر بالتصوÙ) والÙقهاء، الذين وضعوا Ùكرة Ø§Ù„ØµÙ„Ø Ø«Ù… الØل٠على آليات مبدعة Ù„Øماية هذا الØل٠من الانÙصام، وذلك بأن جمعوا النساء المرضعات ÙÙŠ الصÙو٠الأولى من الجانبين، ومن ثم تبادلت نساء هذه القبيلة أطÙالهن مع نساء القبيلة المقابلة، وأرضعنهم من صدورهن، Ù„ÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø¬Ù…ÙŠØ¹ من الأجيال اللاØقة إخوة ÙÙŠ الرضاعة، لا يجوز الزواج بينهم.
ÙÙŠ Øين تذكر رواية أخرى أنه تم جمع النساء المرضعات من القبيلتين وجرى Øلبهن ÙÙŠ إناء كبير، ووزع الØليب على الكبار والصغار، لضمان Øصول المؤاخاة، Øتى يرتدع من ÙÙŠ Ù†Ùسه مرض عند اللقاء عما ÙÙŠ Ù†Ùسه.. ولذلك السبب لا يجد الناس من الÙريقين Øرجا ÙÙŠ معانقة الجميع وتقبيلهم نساء ورجالا والدموع تÙيض من العيون.
ويبدو أن الهم الأمني الذي راÙÙ‚ قيام الØÙ„ÙØŒ بل كان سببا له، جعل واضعيه ÙŠÙكرون ÙÙŠ اجتناب كل ما من شأنه أن يعكر صÙوه. وتأتي المؤاخاة ومنع الزواج كواØدة من الآليات ÙÙŠ ذلك. Ùالقبائل عندما تختلط الأنساب بينها قد تختل٠ويتصارع أبناؤها على المواريث وشؤون الدنيا، أو قد يتصارعون بسبب التجارات والأموال وسواها، ولذلك يمنع على أبناء الÙريقين الزواج من بنات الÙريق الآخر، مثلما تمنع عنهم التجارة أثناء المهرجان، لأن ذلك قد يؤدي إلى ما يخدش المؤاخاة، بسبب تطÙي٠أو نقص ÙÙŠ الكيل والميزان.
وهكذا يصÙÙˆ اللقاء من المكدرات، ويعيش الناس ÙÙŠ "الطوايط" أسبوعا أو أقل من ذلك ÙÙŠ مجتمع مثالي لا صراع Ùيه ولا نزاع، ويمضون أوقاتا ممتعة مع الشواء وسباقات الخيل إلى سهرات الغناء العربي والبربري أو ما يسمى بـ"Ø£Øيدوس".. أما من ضاع له مال أو متاع ÙÙÙŠ "الØÙرة" التي تØظى بقدسية بالغة يجد ما ضاع له مصونا مضمونا لا نقص Ùيه، ولو كان بØجم مال قارون كما يقول الناس.
والناس يتوارثون "طوايطهم" الأبناء عن الآباء، كما يتوارثون المال والمتاع، Ùإذا كنت "طاطتي" وكنت "طاطتك" Ùأبناؤك يرثون أبنائي باعتبارهم "طاطات" لهم، وأبنائي كذلك، وتستمر "الطوايط" ما استمرت الØياة، وكان ذلك خلال القرون الماضية.. أما اليوم Ùإن الجيل الناشئ يبدو أقل اعتقادا ÙÙŠ قدسية "الØÙرة"ØŒ وأقل Øاجة "للطوايط"ØŒ وأقل اهتماما بالموضوع جملة وتÙصيلا، وإن كان البعض من المهاجرين المغاربة، مثل الØاجة عيادة قد جاءت خصيصا من هولندا Ù„Øضور "الطوايط"ØŒ ويأتي آخرون من أمريكا وكندا وبريطانيا وسائر أوربا لليوم المعلوم.
ولعل سر تراجع "النية" Ùˆ"الاعتقاد" ÙÙŠ "الطوايط" يعود إلى التØول الØاصل ÙÙŠ المجتمع المغربي المزاوج بارتباك ÙˆÙوضى بين الأصالة والمعاصرة، Ùترى الÙتيات عاريات الشعر، لابسات Ø£Øدث موديلات الجنز بالقرب من "الØÙرة" بشموعها وما يتلبسها من عÙاريت وأسياد، مثلما يعود إلى Ùقدان الØاجة الموضوعية، التي استدعت وجود "الطوايط" أصلا وهي Øروب العشائر والقبائل، التي استبدلت بسيطرة الدولة المركزية..
ويبدو أن موجة التØول الاجتماعي، التي يعرÙها المغرب قد أذهبت هذا العام شيئا من براءة "الطوايط".. Ùقد شهد المهرجان للمرة الأولى هذا العام، منذ قرون خلت، أول عملية سرقة منظمة لكيس المال، الذي يجمعه "عبيدات الرمى"ØŒ ويقتسمونه ÙÙŠ ما بعد مع "الجماعة" أو الهيئة المشرÙØ© على الØÙ„ÙØŒ لتدير به شؤونه.. Ùقد تراجعت "النية" وضع٠الاعتقاد ÙˆÙسد الناس، كما يقول "عمي العربي"ØŒ الذي كان يتØدث عن عملية السرقة، التي رزئ Ùيها "العبيدات" ÙÙŠ ما يعادل 3 آلا٠دور جمعوها بالملاليم خلال الأيام الأولى للمهرجان. (قدس برس)