الشرق الأوسط 19/10/2005
القدس: أسامة العيسة
تØول الØرم القدسي الشري٠المقام على أكثر من 140 دونما، ÙÙŠ رمضان، هذا العام، إلى مقصد لآلا٠الÙلسطينيين، بعكس السنوات الخمس الماضية. الزوار يرتعون ÙÙŠ تاريخ مديد، ويشربون من أسبلة عمرها مئات السنين، ويبتلعهم الØاضر وهم لا يعلمون.
الØياة تعود إلى الØرم القدسي الشري٠بعد خمس سنوات من الهجر
أقدم المقدسيون، على تزيين Ø£Øيائهم وشوارع المدينة العتيقة، التي طالما تغنت بها Ùيروز، وأصبØت هذه الشوارع مضاءة ليلا بÙضل Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ø¨ÙŠØ Ø§Ù„ØªÙŠ وضعها الأهالي. وبدا منظر الطرقات المؤدية إلى الØرم، لاÙتا، بينما ازداد ليل القدس جمالا، وازدياد ضيو٠المدينة من العرب الÙلسطينيين داخل إسرائيل، الذين يأتون مع عائلاتهم Øاملين أطعمتهم لتناول الإÙطار ÙÙŠ الØرم.
تدÙقت آلا٠العائلات إلى باØات الØرم وأروقته ÙˆØدائقه وأسواره، وتØولت الزيارات الدينية إلى مظاهر اجتماعية وسياØية، وأعاد الناس اكتشا٠المكان، وعقد صداقات، لا يعر٠كم منها سيصمد مع الزمن، لكن المؤكد أن ذكريات كثيرة سيبقيها رمضان هذا العام ÙÙŠ Ù†Ùوس الزائرين، خاصة إن الأولاد وجدوا أنÙسهم، ينطلقون ÙÙŠ المكان المقدس بعيدا عن الØواجز والاغلاقات، ويشربون من مياه الاسبلة الباردة ارواء لعطشهم.
أسبلة ومماليك
طوال قرون كانت مسألة تزويد القدس بالماء أمرا يشغل الØكام المتعاقبين على المدينة، ÙˆØتى نهاية الØكم العثماني كانت القدس تتزود بالمياه من برك سليمان الثلاث، التي تقع جنوب مدينة بيت Ù„ØÙ…ØŒ وتتغذى من الوديان والينابيع، وذلك بÙضل قنوات خاصة، يعود بعضها إلى العهد الروماني، وأخرى إلى العهد العثماني. وبنى الخليÙØ© مراد الرابع قلعة تØمل اسمه بالقرب من البرك Ù„Øمايتها من قطاع الطرق والأعداء، ولضمان تدÙÙ‚ المياه إلى القدس عبر الأقنية التي يمكن أن تشكل للأثريين اليوم، مجالا مهما للدراسة. كذلك اعتمد أهل القدس على تجميع مياه الأمطار ÙÙŠ الآبار. ÙˆÙÙŠ ساØات الØرم، توجد Ù†ØÙˆ 25 بئرا، غير آبار أخرى داخل المسجد Ù†Ùسه. وبنيت أسبلة لتكون صدقة جارية، تزود الزوار بالماء للشرب والتطهر، تجسدت Ùيها الÙنون المعمارية لعصرها، وبعضها أضØÙ‰ من معالم الØرم القدسي الشري٠البارزة، مثل تلك التي بناها السلطان العثماني سليمان القانوني وأسبلة أخرى مثل: سبيل الكأس أمام المسجد الأقصى، وسبيل باب السلسلة، وسبيل بركة السلطان، وسبيل شعلان.
وكثير من هذه الأسبلة يعود الÙضل ÙÙŠ بنائها إلى سلاطين المماليك، الذين عنت لهم القدس التي Ø£Øبوها Øد العشق، وبشكل ضاهى، ÙÙŠ Ø£Øيان كثيرة، العاصمة القاهرة، واعد باØثون أجانب، وإسرائيليون، كتبا مهمة ومثيرة عن (القدس المملوكية). ولكن Ù†Ùس الاهتمام لم يجد له مكانا لدى الباØثين العرب. يقول الدكتور إبراهيم الÙني «عوملت القدس بمنزلة العاصمة المملوكية مع أنها تتبع إداريا ولاية دمشق». ويضي٠«إن هذه الازدواجية ÙÙŠ العلاقة منØت القدس ميزة Ùريدة من نوعها، لان ولاة دمشق المماليك ابدوا اهتماما ورعاية للمدينة بسبب الاهتمام السلطاني بها».
سبيل قايتباي
ومن أهم سلاطين المماليك الذين عنوا بالقدس الأشر٠قايتباي (1468 Ù€ 1495Ù…)ØŒ أعظم سلاطين المماليك، وأكثرهم نشاطا. اهتم قايتباي بالمدينة، وعمل على تدعيم البنية التØتية كترميم الأقنية، وبناء الأسبلة العديدة، لكن اسمه ارتبط أكثر من شيء آخر بمنشاة جميلة وبديعة هي «سبيل قايتباي» الذي وصÙÙ‡ البعض انه أهم سبيل ÙÙŠ القدس وبلاد الشام. هذا السبيل Ùاتن Øقا، يقع مقابل مكتبة المسجد الأقصى، بني عام 1482ØŒ من Øجارة Øمراء وبيضاء وأعمدة ركنية مزخرÙØ©ØŒ ويتكون من أربع واجهات معمارية كطابق أول، مع ثلاثة شبابيك لشرب الماء منها.
الأشرÙية
ولم يكن بناء السبيل البديع الذي ÙŠØمل اسمه وبقي شامخا Øتى الآن، هو أهم ما Ùعله قايتباي للقدس، Ùإليه ينسب بناء المدرسة الاشرÙية التي اعتبرت (الجوهرة الثالثة) ÙÙŠ الØرم القدسي الشري٠بعد الجوهرتين: مسجد قبة الصخرة بقبته المذهبة والمسجد الأقصى.
بدأ ببناء هذه المدرسة، التي لم يبق لها اثر الآن، الأمير Øسن الظاهري، باسم الملك الظاهر خوشقدم الذي توÙÙŠ قبل أن ينتهي البناء، Ùطلب الظاهري من السلطان الجديد قايتباي أن يتقبلها، وعند الانتهاء منها سميت المدرسة الاشرÙية، ولكن قايتباي عندما زار القدس ورأى المدرسة التي تØمل اسمه، اتخذ قرارا Ù…Ùاجئا: وهو هدمها وإعادة بنائها من جديد بإشرا٠مهندس مسيØÙŠ مصري. يقول الدكتور الÙني عنها «اعتبر مبنى هذه المدرسة من أجمل المباني ÙÙŠ منطقة المسجد الأقصى، وآم الاشرÙية علماء، كانوا يدرسون العلوم الدينية والمذاهب الÙقهية مع العناية بالمذهب الشاÙعي الذي اخذ به اغلب سكان القدس».
للأس٠لم يبق الكثير من هذه (الجوهرة)ØŒ وبقي هذا النقش الذي يوثق لبانيها «أمر بإنشاء هذه المدرسة الشريÙØ© مولانا السلطان الملك الأشر٠أبو النصر قايتباي عز نصره بتاريخ مستهل شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثمانمائة. وذلك ÙÙŠ أيام مولانا المعز الأشر٠الناصري سيدي Ù…Øمد الخازندار ناظر الØرمين الشريÙين عظم الله شأنه».
ويوجد نقش أخر كتب عليه «أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة الأمام الأعظم والملك المكرم السلطان الملك الأشر٠أبو النصر قايتباي عز نصره Ùكان الÙراغ من ذلك ÙÙŠ شهر رجب سنة 887هـ) أي ÙÙŠ عام 1482م».
ويبدو أن النقش الأول يخص بداية العمل ÙÙŠ البناء والثاني يوثق للانتهاء منه.
ولكن كل ذلك مضى وانقضى ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø¬Ø²Ø¡Ø§ من تاريخ مدينة، تقلبت عليها الأنواء كثيرا، وتخضع الآن للاØتلال الإسرائيلي منذ 38 عاما، مدة رغم قصرها بالنسبة لتاريخ المدينة الممتد إلى 7 آلا٠عام، إلا أنها كانت قاسية جدا. ÙˆÙÙŠ ظل هذه الأجواء يجد ناسها ÙÙŠ سبيل قايتباي، مكانا للاستظلال به، يجلسون بجانبه، ويشربون منه، ويرشقون وجوههم بمائه البارد ليخÙ٠من Øرارة الجو. ولكن اغلبهم، لا يعرÙون تاريخه أو Øتى اسمه! |