بقلم د. علاء الØمارنة
جامعة ماينز-ألمانيا
a.al-hamarneh@geo.uni-mainz.de
إن السياØØ© العالمية هي صناعة تعيش على الاتصالات الشخصية ولها رسالة، ورسالتها هي تمكين وتسهيل عملية الØوار الثقاÙÙŠ وجها لوجه. والسياØØ© الناجØØ© بØاجة إلى استقرار سياسي، وسلام، وأمن، وقابلية على إدارة Øوار بين جماعات مختلÙØ© من الناس من دون عوائق Ùكرية أو مادية. ويهد٠الإرهاب الموجّه ضد Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø£Ùˆ الوجهات السياØية، من بين أشياء عديدة، إلى منع قيام تبادل ÙˆØوار بين الثقاÙات. وهو يسعى إلى إعاقة توليد Ùهم ممكن وأÙضل وأكثر عمقا مع "الآخر". والإرهاب ضد السياØØŒ بصورة عامة، عمل يتØرك بدواÙع إما سياسية أو ثقاÙية.
وهناك أربع رسائل ربما يريد الإرهابيون توصيلها، وهي أولا: زعزعة النظام السياسي المØلي. والأعمال الإرهابية ÙÙŠ مصر هي من هذا النوع. إنها تهد٠إلى ÙØ¶Ø Ù…Ù†Ø§Ø·Ù‚ الخلل الأمني ÙÙŠ سياسات الØكومة وتØديها. ÙˆÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه، Ùإنها تضرب واØدا من أهم القطاعات الاقتصادية ÙÙŠ البلد.
ثانيا: إنهم يلÙتون النظر إلى مأزق جماعة من الأقلية. Ùإرهاب منظمة إيتا ÙÙŠ أسبانيا، على سبيل المثال، يدعي أنه يمثل Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¬Ù…Ø§Ø¹Ø© الباسك الإثنية. وبعض الجماعات الراديكالية الكردية ÙÙŠ تركيا تهاجم الوجهات السياØية بهد٠معلن وهو Ù„Ùت أنظار العالم وإبراز قضيتهم.
ثالثا: إظهار مواق٠عدائية تجاه السياسات التي تمارس ÙÙŠ أقطار الإرهابيين الأصلية. ومن Ø§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù† الضربات التي وجهت إلى بالي لها صلة بواقع ما بعد 11/9. ومن خلال الهجوم على Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø¥Ø³Ø±Ø§Ø¦ÙŠÙ„ÙŠÙŠÙ† ÙÙŠ مومباسا وزوار المعبد اليهودي ÙÙŠ جربة، يبدو أن الإرهابيين ÙŠØاولون التعبير عن عدائهم لإسرائيل.
رابعا: قصد Ø§Ù„Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„ØªØ¬Ø§Ø±ÙŠØŒ Ùمن Ø§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù† Ø§Ø®ØªØ·Ø§Ù Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø£ÙˆØ±ÙˆØ¨ÙŠÙŠÙ† والإستراليين له علاقة بجمع الأموال لتمويل المنظمة الإرهابية الأم لهؤلاء الإرهابيين.
ويمكن قياس Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ø¥Ø±Ù‡Ø§Ø¨ ذي الدواÙع السياسية بالتأثيرات بعيدة المدى المتسببة عن الهجومات وصداها الإعلامي. أما الإرهاب ذو الدواÙع الثقاÙية Ùهو أمر غير شائع. ويرى بعض الباØثين أن الأهدا٠السياسية للهجومات المباشرة على Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø ÙÙŠ الأقطار العربية والإسلامية مشكّلة بلمسة ثقاÙية.
وخلال المناقشات الأكاديمية Øول الهجومات الإرهابية ÙÙŠ مصر خلال التسعينات، Ø·Ø±Ø Ø¨Ø¹Ø¶ الباØثين رأيا بأن العوامل الثقاÙية لعبت دورا مهما ÙÙŠ العمليات الإرهابية. وقد طوروا تصورا Ù…Ùاده أن بعض الجماعات الراديكالية الإسلامية الناشطة ربما يشعرون ضرورة القيام بعمل متطر٠من أجل منع ما يتصورون أنه خطر على ثقاÙتهم الوطنية، وتراثهم ومعتقداتهم الدينية. ولكن ما هو غائب عن هذه الØجة هو أن الذين يقال لهم "ناشطين" هم ممن كانوا، أو أنهم الآن، يعارضون بصورة جذرية الØكومة المصرية وسياسة الدولة.
والأهدا٠الرئيسية لمثل هذه الأعمال الإرهابية، هي أولا: زعزعة الدولة المركزية سياسيا واقتصاديا، وثانيا: توجيه رسالة إلى الجمهور العالمي. وقد أخذت الدواÙع الثقاÙية تظهر بصورة Ø£ÙˆØ¶Ø Ù…Ù†Ø° 11/9. إن Ùضاعة الهجومات، والخلÙية الإسلامية للإرهابيين Ùˆ"استعمال" المÙجرين الانتØاريين بعد 11/9 أعطت دÙعا للنظريات التي ترى أن صلب القضية ثقاÙÙŠ. وبالرغم من ذلك، Ùإن تقليص "الثقاÙØ©" إلى الدين Ùقط هو أمر ÙŠØتاج إلى نقاش ومنهج مشكوك Ùيه.
إن قنوات التÙاعل والØوار الثقاÙÙŠ Ù…Øدودة Øقا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بجماعة كبيرة من البشر. وقنوات الØوار الأكثر انتشارا توÙر إما تÙاعلا Ù…Øدودا بشكل وجه لوجه، كما هو الØال ÙÙŠ تكنولوجيا المعلومات (التلÙزيون والإنترنيت)ØŒ أو أن مجال الدخول Ùيها Ù…Øدود جدا، كما هو الØال ÙÙŠ نشاطات التبادل الØكومي والثقاÙÙŠ. وقد Ùشلت الهجرة العالمية Øتى الآن ÙÙŠ توÙير مجال للØوار ما بين مجتمعات وثقاÙات الأوطان الجديدة والقديمة.
توÙر السياØØ© العالمية الÙرصة المباشرة لزيارة واكتشا٠والتعر٠على "الآخر" ÙÙŠ وطنه. ومثل هذه الاتصالات لها أهمية قصوى إذا ما تصورنا، مثلا، أن ملايين الأوروبيين مداومون على زيارة البلدان العربية كل سنة، Øتى Ùيما بعد الهجومات على الأقصر وجربة.
ويبدو أن الإرهابيين قد Ùشلوا ÙÙŠ مساعيهم. وبالرغم من التأثيرات الاقتصادية والسياسية السلبية للعمليات الإرهابية على Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø ÙÙŠ المدى القصير، يبدو أن الآيديولوجيات الراديكالية التي لها صلة بالإرهاب تÙشل بسرعة ÙÙŠ المدى البعيد، وإلا كي٠نÙسر الهجوم المباشر على عمال مصريين ÙÙŠ موق٠باص ÙÙŠ شرم الشيخ ÙÙŠ تموز/ يوليو 2005. ومن جهة، يبدو أن التصور القائل "إذا لم تكن معنا، Ùأنت لا بد ضدنا"ØŒ يؤخذ ØرÙيا من قبل الإرهابيين. وهذا يعني أن كل شخص له صلة بصناعة السياØØ© العالمية هو ضدهم. وهذا يعني أن الإرهاب ضد Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø ÙˆØ§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© هو داÙع غير مباشر للنقاش بشأن المØاÙظة والليبرالية ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙÙŠ المجتمعات العربية.
وأغلب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø£ÙˆØ±ÙˆØ¨ÙŠÙŠÙ† الذين يزورون البلدان العربية يذهبون ضمن سÙرات متكاملة (باكج تورز). وهم يبقون تقريبا ÙÙŠ تجمعات منعزلة مثل شرم الشيخ والهرغاده ÙÙŠ مصر، أغادير ÙÙŠ المغرب، مرسى القنطاوي وجربة ÙÙŠ تونس وشاطئ الجميرة ÙÙŠ دبي، وليس لهم إلا اتصالا واهيا مع المجتمع المØلي والثقاÙØ© المØلية.
وللأس٠Ùبعد 11/9 زادت العزلة بدواعي الأمن. والعزلة لا توÙر الأمن كما لاØظنا خلال السنوات الثلاث الأخيرة الماضية. وعلى العكس، Ùإن استبعاد Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø£Ø¬Ø§Ù†Ø¨ عن طريق العزل الجغراÙÙŠ يجعلهم أكثر عرضة للقلق والخطر، ويجعلهم "ضØية ثانوية". ويستبعد هذا الإجراء العاملين ÙÙŠ السياØØ© أيضا. ومن خلال العزل والإجراءات الأمنية المهووسة، Ùإنه تم استبعاد صناعة بكاملها.
إن الØوار الÙكري والاتصالات المباشرة لها القدرة على إيقا٠التطورات السلبية والعنيÙØ© ÙÙŠ قطاع السياØØ©ØŒ وتوÙر السياØØ© العالمية مثالا للتعايش السلمي ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙˆØ§Ù„ØªØ¨Ø§Ø¯Ù„ الثقاÙÙŠ. وهذا هو السبب الذي يجعل السياØØ© ÙˆØ§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…ÙƒØ±ÙˆÙ‡ÙŠÙ† من قبل الإرهابيين وعرضة لهجوماتهم. |