يبدو أن المواصÙات التي اتخذتها ضاØية سيدي بوسعيد للØÙاظ على خصوصيتها المعمارية العتيقة وذات التناغم بين اللونين الازرق والأبيض ÙÙŠ تشييد مبانيها اضاÙØ© الى اعتلاء ديارها ومنشآتها المعماريّة لمرتÙعات وهضاب ومنØدرات وتلال جعلها تتخّذ بقوة صورة مدينة أو قرية ذات مكانة متÙرّد، مكان أسطوري وعجيب ذو سØر يخترق الروØ.
وقد ذكرت ضاØية سيدي بوسعيد ÙÙŠ المصنّÙات القديمة وكتب الرØالة والأدباء والشعراء المعاصرين Ùكانت بذلك ضاØية للنزهة والتجوال ÙˆÙضاء روØيّا مقدّسا للزّهد والعبادة وبه وجد أكبر أعلام الصوÙية والØكمة الروØيّة كالشيخ أبي سعيد الباجي.
اما اذا أردنا النّظر ÙÙŠ تاريخ هذا المكان ووظائÙÙ‡ وتسمياته الأولى نجد أن هذه الضاØية لعبت دورا Ù…Øوريّا منذ العصور الرومانية والبونيقيّة وقد تØدثت بعض المصنÙات عن وجود بقايا للآثار الرومانية بين الطريق والكنيسة الكبرى القائمة على ربوة قرطاج. وهي آثار أكّدت على أنه كانت توجد دار للنزهة انقرضت واندثر رسمها بعد ان Ø£Øيطت بمنازل جديدة، وكلّ هذه الآثار وجدت ÙÙŠ الجو٠الأسÙÙ„ من الربوة بين بناءات البلدة المقامة اليوم والبرج القديم والناظور.
وكما ÙŠÙيدنا دارس وباØØ« معاصر هو الأستاذ Ù…Øمد أنور بوسنينة بإنه قد تضاربت الأقوال بخصوص الØديث عن الÙترة التي بنيت Ùيها قاعدة الناظور ÙˆÙŠØ±Ø¬Ø ÙƒÙˆÙ†Ù‡Ø§ بنيت ÙÙŠ العهد الÙينيقي والروماني Ùربوة سيدي بوسعيد التي سميت كذلك ربوة المنار نسبة الى جبل المنار الذي تسمى به المنطقة كلّها سابقا تعدّ ÙÙŠ Ùترة ما قبل التاريخ جزءا من ربوة قرطاجنة القديمة (814 Ù€ 146 Ù‚ Ù…) وما من شكّ ÙÙŠ أن القرطاجنيين اتخذوا المكان Øصنا يقيهم خطر الهجومات الخارجية وقد استعملوا منارة لإرشاد السÙÙ† ليلا Øين دخولها ميناء قرطاج ولعل وجود الكثير من الصهاريج ÙÙŠ هذا البناء يدلّ على أنه يرجع الى العهد الروماني وهكذا Ùان هذه الربوة مثلت جزءا من ØÙŠ ارستقراطي سكنه العديد من الأغنياء وأÙراد الطبقة الراقية. وكان يسمّى بØيّ المغارة.
وكما تؤكد المصادر القديمة إن القرطاجنيين كانوا أوّل من اهتم بالاقامة على سواØÙ„ البØر واختاروا الأماكن المطلّة على البØر وهو ما يعكس استراتيجية سياسيّة اقتصادية (الدÙاع والتجارة) وترÙيهية ذوقية (الاستØمام والنزهة) وكانت مراكز اصطياÙهم عبارة عن دار ذات Øجم كبير تØيط بها Øديقة غناء ذات أزهار ورياض.
وعند مقدم الÙاتØين العرب والمسلمين شملت منطقة ضاØية سيدي بوسعيد عملية اقامة الرباطات والØصون التي انشىء أغلبها على سواØÙ„ خليج تونس. كقصر المهارد بقمرت ومØرس سيدي ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¬Ø±Ù‘Ø§Ø Ø¨Ø§Ù„Ù…Ø±Ø³Ù‰ ورباط جبل المرسى بسيدي أبي سعيد. وابتداء من العهد الصنهاجي ثم المرابطي ستمثل ضاØية سيدي بوسعيد Ùضاء أمثل لاقامة العبّاد والزهاد وأهل التصو٠من الباØثين عن الصÙاء الروØÙŠ والتأمل والانقطاع للذكر والعبادة ومجاهدة النÙس.
وكان من أوّل هؤلاء الإمام Ù…Øرز بن خل٠(تـ 413 هـ / 1022Ù…) وهو صوÙÙŠ وولي عمق تجربته الروØيّة وانتقل من اريانة الى الرّبض الشمالي لمدينة تونس العتيقة Øيث زاويته الØاليّة والتي كانت داره ومقر سكنه وله مقام آخر يسمّى الخلوة المØرزية بربض المركاض. وعند اقامته بربوة المنار (ضاØية سيدي بوسعيد كتب هناك أشعارا جميلة ÙÙŠ الزهد والتصو٠والاعتبار بصرو٠الزمان ومØÙ† الØياة.
وقد عرÙت مع العهد الموØّدي (555 هـ Ù€ 626 هـ) وبدايات العهد الØÙصي على الاخص 626 هـ هذه الضاØية اقبالا شديدا من أهل الزهد والتصو٠واليها كان يشدّ الرØال من المغرب والاندلس ومن المشرق ومن أشهر الشخصيات الصوÙية الÙلسÙية التي قدمت لهذه الضاØية وكتبت عن أسرارها الØكيم الصوÙÙŠ Ù…ØÙŠ الدين بن عربي المرسي (Øيث مسقط رأسه بمرسية) من Øواضر الأندلس. وكتب عن هذا المكان باعجاب شديد، وصوّر لنا ÙÙŠ كتابه «الÙتوØات المكيّة» مشاهداته وملاØظاته لتنقلات الشيخ عبد العزيز المهدوي (تـ 621 هـ ) نزيل المرسى الذي اتخذ منه معلما وشيخا له وبمنزله الكائن بمرسى عبدون وضع التخطيط الاولي لكتابه انشاء الدوائر وهو كتاب ÙÙŠ بيان نشأة الكون وبدء الخليقة ÙÙŠ علاقة ذلك بالعالم العلوي الماورائي كما تجلّى له سيدنا الخضر على شاطىء المرسى وسيدي بوسعيد ويبيّن لنا الØكيم Ù…ØÙŠ الدين بن عربي كي٠ان الشيخ المهدوي Øدثه عن اسرار هذا المكان وعن تاريخه الروØÙŠ وصلته بالأنبياء والØكماء والأولياء والعلماء مبينا له أنه بمثابة المكان المقدّس أو به أماكن يتجلّى بها الØÙ‚. او تكون Ùضاءات ملائمة لظهور الØÙ‚ وتجليّه ÙÙŠ قلوب العارÙين.
ولعل ما يدعم لنا وجود هذه المسØØ© الأسرارية المدهشة هو أنه ومباشرة بعد ÙˆÙاة الشيخ المهدوي تولّى أبو سعيد الباجي مشيخة Øلقة الصوÙيين وأصØاب التجارب الروØية وهم ÙÙŠ الØقيقة جمع من المريدين كانوا مزاملين له ÙÙŠ Øلقة المهدوي وبعض منهم مما ÙˆÙد لاØقا كالإمام أبي الØسن الشاذلي (ت Ù€ 656 هـ/1258Ù…) الذي تتلمذ لأبى سعيد الباجي واتخذ منه شيخا له عند مقدمة من أرض المغرب الأقصى ÙÙŠ Øوالي سنة 620 هـ. أما عن الشيوخ الذين رابطوا هناك ÙÙŠ Øلقة المهدوي ثم ÙÙŠ Øلقة الشاذلي Ùهم Ø¬Ø±Ù‘Ø§Ø Ø¨Ù† خميس ويذكره كثيرا ابن عربي ÙÙŠ «الÙتوØات» او ÙÙŠ Â«Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù‚Ø¯Ø³Â» وسيدي Ù…Øمد الدباغ والد مؤل٠(معالم الايمان» (عبد الرØمان الدباغ) وابو يوس٠يعقوب الدهماني (تـ 621 هـ ) وأبو علي النÙطي والشيخ المزوغي ثم الشيخ أبو القاسم علي الهوازي الذي لازم الشيخ أبي سعيد الباجي وأخذ عنه الكثير وهو الذي تولّي ÙÙŠ ما بعد تدوين مناقبه وذكر شيئا من مناقب المهدوي ومناقب الشاذلي الأول استاذ الباجي والثاني تلميذه.
وتجدر الاشارة الى ان أبا سعيد الباجي استطاع ان يعمّق تجربته الروØية ويبلغ مقاما عاليا ÙÙŠ المعرÙØ© الصوÙية بذاك المكان الذي سمي باسمه بعد ÙˆÙاته ولعل ÙÙŠ كلام الهوازي تلميذه ومØبّر مناقبه ما يدلّ على جوانب من ذلك اذ قال: كان (أبو سعيد الباجي) من أرباب الأØوال ومواجيد القلوب له كلام كثير ÙÙŠ التوØيد والمعاملات ومراتب المكاسب ÙˆØقائق المواهب صØبة الشيخ الزاهد المقدس العالم العامل المØقق أبي مروان البرني المعرو٠بالÙØص صاØب الكرامات العظيمة وشيخ الشيوخ «أبي مدين».
ولعلّ من Ùضائل الشيخ الباجي التي جعلته Ù…Øلّ تعظيم وتبجيل ومثال ÙŠØتذى هو أنه كان يرÙض كل الهدايا والعطايا التي يغدق بها عليه السلطان أبو العلاء الموØدي الموالي للأÙكار والنظريات الصوÙية.
وبعد قرن تقريبا نجد صوÙيا كبيرا وشاعرا مره٠الإØساس هو الشيخ Ù…Øمد الظري٠(تـ 710 هـ) يقطن هذا المكان شغÙا بØسن موقعه وجلال منظره، وقد امتاز الظري٠بوصÙÙ‡ للطبيعة والأزهار والورود والأنهار والطيور، وله قصيد شهير ÙÙŠ Ù…Ø¯Ø Ø§Ù„Ø¬Ù†Ø§Ø¨ النبوي ضمّنه أسماء الطبوع الموسيقية ومعاني الØب الصوÙÙŠ القائم على الرمزيّة والمجاز.
ونجد ÙÙŠ أوائل القرن التاسع عشر وقÙات شعريّة لشاعر تونس الكبير الباجي المسعودي على مقام سيدي أبي سعيد الباجي.ÙˆÙÙŠ العصر الØديث اÙتتن رسامون وشعراء وموسيقيون عالميّون كثيرون بضاØية سيدي بوسعيد اذكر منهم الرسام الألماني بول كلي والرسّام والموسيقي المستشرق البارون ديرلنجي الذي بنى الدرة البهيجة المعروÙØ© المسماة بقصر النجمة الزهراء الذي Ø£ØµØ¨Ø ÙŠØ³Ù…Ù‘Ù‰ قصر النجمة الزهراء للموسيقى العربية والمتوسطية Ùيما بعد.كما استلهم رسامون تونسيون كبار مثل عمار ÙرØات وعلي بن سالم ÙˆØاتم المكّي والزبير الاصرم من مقامات ومعالم سيدي بوسعيد ومن نبض الØياة Ùيها الكثير.
ونجد ÙÙŠ مقالات منشورة ÙÙŠ مجلة «الاذاعة» ÙÙŠ الستينات مقالات لعبد المجيد بن جدّو والأديب Ù…Øمد ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¬Ø§Ø¨Ø±ÙŠ تØدثنا عن الروعة المثاليّة لضاØية سيدي بوسعيد ولأثرها ÙÙŠ النÙوس. وتشير الى انه منذ الÙترة الØسينيّة بدأ أعيان المدينة ووجهائها وكبرى العائلات الاندلسية ÙÙŠ الاستقرار بضاØية سيدي بوسعيد Ù…ØاÙظين على لون خاص من العادات والتقاليد الØضاريّة والثقاÙية والÙنيّة الاصيلة ÙÙŠ الملبس والمأكل وعادات الاÙØ±Ø§Ø ÙˆÙÙŠ الموسيقى والغناء، ÙˆÙÙŠ الانشاد الصوÙÙŠ Øيث تضطلع مجموعة عيساوية سيدي بوسعيد للانشاد الصوÙÙŠ بهذا الدور.
|