الشرق الاوسط
8-4-2005
مل٠من إعداد: ميرزا الخويلدي ÙˆØليمة مظÙر
نظم النادي الأدبي الثقاÙÙŠ بمدينة جدة اخيرا ملتقاه السنوي تØت عنوان (ملتقى قراءة النص) تØت رعاية الشيخ عبد المقصود خوجة ولمدة يومين، قدمت Ùيه أبØاث ركزت على موضوع: (مكة المكرمة بوصÙها نصا)ØŒ بمناسبة اختيارها عاصمة للثقاÙØ© الإسلامية لعام 2005 من قبل دول العالم الإسلامي ÙÙŠ اجتماع وزراء الثقاÙØ© للدول الاسلامية ÙÙŠ الجزائر عام 2005 . وعن موضوع الملتقى قال الناقد عبد الÙØªØ§Ø Ø£Ø¨Ùˆ مدين رئيس النادي الأدبي الثقاÙÙŠ بجدة الجهة المنظمة للملتقى: «مكة المكرمة لها مكانة هامة ÙÙŠ الثقاÙØ© الإسلامية والتاريخية عبر عصور عديدة منذ النبي إبراهيم عليه السلام الذي أسكن ذريته بها، وهي بأبعادها المختلÙØ© لها تأثير كبير ÙÙŠ Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ùكر الإسلامي والإنساني كونها منطقة مقدسة مما أدى إلى أن تكون Ù…ØØ· أنظار الكثيرين من العلماء المسلمين والمستشرقين». وأضاÙ: «أردنا من خلال النادي الأدبي بجدة أن نقدم ما يثري الساØØ© الثقاÙية من خلال اختيار مكة Ù…Øورا للنقاش ÙÙŠ أوراق وأبØاث المشاركين Ùيه، وهي مشاركة منا ÙÙŠ الاØتÙاء بها لاختيارها عاصمة الثقاÙØ© الإسلامية لعام 2005 من قبل وزراء الثقاÙØ© للدول الإسلامية».
وعن قلة الأوراق المقدمة ÙÙŠ مضمون الملتقى وموضوعه عن الأعوام السابقة يقول ابو مدين «الدعوة ÙÙŠ المشاركة كانت Ù…ÙتوØØ© للجميع لكن القليل ممن جذبهم الموضوع الذي طرØÙ‡ الملتقى، إلى جانب أن الكثيرين للأس٠ليست لديهم دراسة معرÙية ÙÙŠ كيÙية إعداد أبØاث ذات مضمون جيد ولذلك كانت الأوراق المقدمة قليلة».
من جهتها وصÙت الدكتورة إيمان التونسي التي اÙتتØت الملتقى نيابة عن المشاركين موضوع الملتقى بأنه ثري جدا ÙÙŠ تناوله لنصوص نتجت من البيئة المكية وقالت «إن ما سطرته أقلام أبناء مكة الذين عاشوا ÙÙŠ جنبات الØرم، وشغÙوا بالعربية وسعوا سعيا Øثيثا لمØÙˆ غبار الأمية عن أنÙسهم وظلام الجهل عن مجتمعهم، ÙÙŠ نتاج غاب عنه التوثيق ÙÙŠ ظل زمن همشت Ùيه العربية بسبب تتريك العرب، يستØÙ‚ الدراسة وهو موضوع يجذب Ùضول الكثيرين إليه». وأشارت إلى أن الأدب المكي ثري التجربة، «لأنها تجارب أطيا٠مختلÙØ© من الØجيج الذين تقاطروا من مختل٠الØضارات واللغات إلى البيت العتيق».
وتقول الكاتبة سهام القØطاني Ø¥Øدى المشاركات ÙÙŠ الملتقى ببØØ« Øول مركزية مكة المكرمة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية أن مكة المكرمة (عاصمة مقدسة ولها جذورها التاريخية المؤثرة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية والثقاÙØ© الإسلامية ولذلك هي مجال بØثي ثري وخصب للباØثين). وتقول «لقد ظلت مكة رغم تعدد الثقاÙات الراعية الأولى لمهرجانات الأسواق العربية، لذلك كان الخطاب الثقاÙÙŠ القومي لا بد أن ينطلق من مركزية قرارها، ولا بد أن يصاغ بلغتها»، أما ÙÙŠ العهد السعودي Ùتجد «أنها مثلت منذ البدء نواة لتكوين الخطاب النهضوي السعودي عبر اØتضانها للعديد من الإنجازات الثقاÙية وخروج رواد الثقاÙØ© السعودية ومؤسسيها من البقاع الطاهرة، والذي امتدّ شعاع تنويره لباقي مناطق المملكة». ووصÙت الناقدة الدكتورة سعاد المانع الملتقى بأنه «مثر ÙÙŠ بعض أوراقه التي تم تقديمها خلال الجلسات»، وقالت إنها تØرص «على Øضور الملتقى لتبادل الØوار الثقاÙÙŠ خاصة أن المرأة لها Øضور ÙÙŠ النادي الأدبي بجدة والذي نأمل أن يكون أيضا ÙÙŠ النادي الأدبي بالرياض».
وشارك ÙÙŠ الملتقى الكاتب Øسين باÙقيه الذي ركز ÙÙŠ كلمته على رؤيته Øول النهضة الأدبية ÙÙŠ مكة المكرمة قبل الثورة العربية الكبرى وبعدها Øيث يجدها «متدهورة وتقليدية يتمثل Ùيها الاهتمام بالخطاب الديني والنØوي واللغوي. أما ÙÙŠ مجال الأدب Ùقد تركزت اهتمامات الأدباء Øينها على البلاغة واللغة التي تعاملوا معها بجÙا٠نتيجة أنهم لم يتÙرغوا للأدب، التÙرغ الذي يستØقه Ùخرج ركيكا وضعيÙا قبل الثورة». وهو يرى «أن النهضة الأدبية ÙÙŠ مكة المكرمة بدأت بعد الثورة العربية الكبرى وأن الأدباء اهتموا بالثقاÙØ© من الخارج والآتية إليهم نتيجة الØج والعمرة وما كان يكسب مكة من تداخل ÙˆØوار ثقاÙÙŠ بين أهلها وزوارها». وأضا٠«إن مثقÙÙŠ وأدباء مكة طغت على أعمالهم Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø±ÙˆÙ…Ø§Ù†Ø³ÙŠØ© أدبيا ÙˆØ§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù„ÙŠØ¨Ø±Ø§Ù„ÙŠØ© Ùكريا». واستشهد باÙقيه بأجرأ Ø·Ø±Ø Ùكري وأدبي ÙÙŠ ذلك الوقت، كما يقول، وهو كتاب «خواطر مصرØة» لمØمد Øسن عواد الذي اÙتتØÙ‡ بمقدمة بعنوان «مداعبة مع العلماء»، والتي يسخر Ùيها من بعضهم ممن يرÙض أن يتطور مع متطلبات العصر Øتى أن هؤلاء كتبوا Ùيه معروضا يطالبون Ùيه الملك بإعدام العواد أو Ù†Ùيه أو سجنه تأديبا له».
وتكون الملتقى من خمس جلسات أقيمت على Ùترة يومين، الأربعاء : ثلاث جلسات كانت الأولى بعنوان «مكة بين التاريخ والواقع» ورأستها الدكتورة Ùاطمة إلياس، والجلسة الثانية بعنوان «Øضور مكة المكرمة ÙÙŠ النص الأدبي»، ورأسها الدكتور Ù…Øمد عبد الرØمن الربيع. أما الجلسة الثالثة Ùكانت بعنوان «مركزية مكة المكرمة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية» ورأسها Øسين با Ùقيه، أما يوم الخميس Ùكانت هناك جلستان، الأولى بعنوان «كتب الرØلات إلى مكة» التي رأسها الدكتور Øسن النعمي، والثانية بعنوان «مكة المكرمة المكان والمكانة»، ورأسها الدكتور عبد العزيز السبيل.
* مركزية مكة المكرمة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية الإسلامية
* ÙÙŠ ملتقى «قراءة النص» الذي نظمه النادي الأدبي الثقاÙÙŠ تØت عنوان «مكة المكرمة بوصÙها نصا»، بمناسبة اختيارها مكة المكرمة عاصمة للثقاÙØ© الإسلامية لعام 2005 قدم الباØØ« السعودي زكي الميلاد ورقة عمل، Ùيما يلي ملخصها:
* تØليل المقولات
* بمنطق التØليل هناك ثلاث مقولات أساسية ÙÙŠ مركب موضوع البØØ«. مقولة المركزية وهي تشير إلى عنصر الدور والÙعل، ومقولة مكة المكرمة وهي تشير إلى عنصر المدينة والمكان الذي يصدر منه ذلك الدور والÙعل، ومقولة الثقاÙØ© وهي تشير إلى عنصر المعنى والناظم الÙكري.
من جهة أخرى، مقولة المركزية تشير إلى المستوى الكمي والنوعي ÙÙŠ طبيعة الدور والÙعل الذي يضÙÙŠ عليه وص٠المركزية. ومقولة مكة المكرمة تشير إلى أهمية وعظمة المدينة والمكان التي تتمثل ذلك الدور والÙعل الموصو٠بالمركزية. ومقولة الثقاÙØ© تشير إلى قوة وعظمة المعنى الØامل والمعبر عن تلك المركزية.
من جهة ثالثة تتجلى المركزية ÙÙŠ صورتين، ÙÙŠ صورة مادية وخارجية، هي صورة المدينة والمكان، ÙˆÙÙŠ صورة ذهنية وداخلية، هي صورة الثقاÙØ©. Ùمركزية المدينة تشكل مركزية للثقاÙØ©. وتشكلت هذه المركزية منذ أن جعل الله Ùيها أول بيت للناس، ومع الØضارة الإسلامية تشكلت مركزية المدينة، ومع Ùريضة الØج تعززت مركزية المدينة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية الإسلامية. وهذا ما سو٠نشرØÙ‡ ونتØدث عنه.
* مركزية البيت
* لقد جاء اختيار المكان الذي وصÙÙ‡ أول من وصل إليه على لسانه ÙÙŠ القرآن الكريم، بأنه واد غير ذي زرع، ليكون هذا المكان تأسيسا لمركزية من نمط جديد ÙÙŠ تاريخ العالم، ÙˆÙÙŠ تاريخ الØضارات والثقاÙات والمجتمعات الإنسانية. وكان لهذا النمط من المركزية هوية وطبيعة، مغايرة ومختلÙØ© عن المركزيات بأنماطها المختلÙØ©ØŒ وجغراÙياتها المتعددة، التي ظهرت Ùيما بعد. ومغايرة كذلك لمقاييس ومعايير الØضارات والمدنيات البشرية التي عر٠عنها ارتباطها بالأمكنة والبيئات الزراعية والمائية، التي تتوÙر Ùيها إمكانيات الوجود والاستيطان البشري، وبقاء واستدامة الØياة، وما يترتب على ذلك من بناء التراث الاجتماعي والثقاÙÙŠ المشترك، وإمكانية انتقال هذا التراث من جيل إلى جيل آخر، وخلق تراكمات مستدامة.. إلى غير ذلك من عناصر لها علاقة بقيام الØضارات والمدنيات. Ùالمجتمعات التي استÙادت من موقعها، كما يقول الباØØ« الÙرنسي Ùرناند بروديل، كانت المجتمعات النهرية ÙÙŠ العالم القديم، كالتي كانت على شواطئ النهر الأصÙر ÙÙŠ الصين، وشواطئ نهر الأندوس ÙÙŠ الهند، ونهر الÙرات للØضارات السومرية ÙˆØضارة بابل وآشور، ونهر النيل ÙÙŠ الØضارة المصرية، ومثلها Øضارات أخرى متصلة بموقعها وتسمى نبات البØر، ومنها Øضارة Ùينيقيا، ÙˆØضارة اليونان، والØضارة الرومانية.
والمكان الذي وص٠بأنه واد غير ذي زرع، يراد من هذا الوص٠أن هذا المكان لم يكن مأهولا بالسكان Øينما وصل إليه نبي الله إبراهيم وذريته، ولم يكن مؤهلا للسكن والاستيطان، وله طبيعة مختلÙØ© عن الأمكنة التي لها أودية ÙˆÙيها زرع.
والذي لا شك Ùيه ان هذا الاختيار كان مقصودا من لدن Øكيم خبير، ومن وراء هذا القصد هناك Øكمة متعالية جعلت من اختيار هذا المكان ليكون تأسيسا لمركزية لها طبيعة تغاير المركزيات الأخرى البائدة والسائدة واللاØقة. Ùالله سبØانه وتعالى أراد من هذا المكان أن يكون Ùيه أول بيت وضع للناس مباركا وهدى العالمين، وبهذا البيت تØددت هوية وطبيعة ذلك النمط من المركزية Øيث جعل من الدين والتوØيد أساسا وقاعدة، وهذا هو منشأ المغايرة والاختلا٠مع المركزيات الأخرى.
* مركزية المدينة
* منذ ظهور الإسلام إلى ÙØªØ Ù…ÙƒØ©ØŒ ارتبط Ù…Ùهوم المركزية بمÙهوم المدينة والبلدة التي Ù…Øورها البيت الØرام. وأصبØت مكة المكرمة تمثل مدينة المركز للإسلام، ومن ثم للØضارة الإسلامية. Ùالمكان والبيت كان لهما دور مهم وأساسي ÙÙŠ تØديد عنصر المركز ÙÙŠ بناء وتأسيس الأمة والØضارة الإسلامية. وكل الØضارات التي ظهرت ÙÙŠ التاريخ الإنساني ارتبطت ÙÙŠ Øركتها وتقدمها بمكان أو موقع مثل لها دور المØور وعنصر الانبعاث والانطلاق. ÙالØضارات كما يقول Ùرناند بروديل هي مواقع، ويرى أنه مهما علت أو صغرت Øضارة من الØضارات Ùلا بد أن نجد لها بداية متصلة ومرتبطة بأرض ما، وأن جزءا كبيرا من واقع تلك الØضارات قد كان رهنا بمتطلبات وخيرات أتاØتها تلك الرقعة الجغراÙية.
Ùكل أمة ÙˆØضارة صنعت لها مدينة لعبت دور المركز ÙÙŠ Øركة ونشاط تلك الأمم والØضارات، Ùأثينا لعبت دور مدينة المركز ÙÙŠ الØضارة اليونانية، وقد أطلق عليها بعض القدماء تسمية مدرسة اليونان، واعتبرها بعض المعاصرين، المكان الذي ولدت Ùيه الØضارة الغربية. وروما القديمة التي لقبت ÙÙŠ العصور الوسطى بمدينة المدن وصرة العالم، لعبت دور مدينة المركز ÙÙŠ الØضارة الرومانية. ومكة المكرمة لعبت كذلك دور مدينة المركز ÙÙŠ الØضارة الإسلامية. وقد اختار القرآن الكريم لمكة المكرمة اسما إلى جانب أسماء أخرى، يوØÙŠ بدلالة Ù…Ùهوم المركز لهذه المدينة، وهو اسم (أم القرى) الذي ورد ÙÙŠ القرآن الكريم مرتين، مرة ÙÙŠ قوله تعالى «وكذلك اوØينا اليك قرآنا عربيا لتنذر ام القرى ومن Øولها» (الشورى 7) ÙˆÙÙŠ قوله تعالى «وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن Øولها» (الانعام 92).
* مركزية الÙريضة
* مع Ùريضة الØج التي أوجبها الله على المسلمين كاÙØ© لمن استطاع إليه سبيلا، تØولت مكة المكرمة إلى أكبر وأعظم مكان ومركز ÙÙŠ العالم يجتمع Ùيه الناس. وهذا الاجتماع الذي يتØقق ÙÙŠ الØج بهذا العدد الكمي من الناس، وبهذا التنوع الإنساني ليس له مثيل ÙÙŠ تاريخ الأمم والØضارات السالÙØ© والمعاصرة. والØقل الدلالي لهذا الاجتماع Ùيه من التأمل والثراء ما يثير الدهشة والعظمة، Ùقد تØول هذا المكان من واد غير ذي زرع، إلى مكان تهوي إليه Ø£Ùئدة من الناس، ويأتونه رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل Ùج عميق، ليشهدوا مناÙع لهم، ويذكروا اسم الله ÙÙŠ أيام معلومات. ونشأ عن هذه الÙريضة طريق عر٠بطريق أو طرق الØج لتعدد اتجاهاتها، ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙˆÙ† يسلكون هذه الطرق بكل اتجاهاتها ذهابا وإيابا من أي مكان كانوا ÙÙŠ العالم. وعدت هذه الطرق من طرق الØضارة الإسلامية، وأصبØت جزءا من جغراÙيتها، واكتسبت المزيد من الأهمية والØيوية مع مرور الوقت. وقد اشتهرت كما اشتهر من قبل طريق الØرير الذي أطلق عليه من شدة أهميته طريق الØرير العظيم، وكان يبدأ من الصين ويمر بوسط آسيا وبØر الخزر والبØر الأسود، وينتهي ÙÙŠ بيزنطة المعروÙØ© الآن بمدينة اسطنبول. واكتسب هذا الطريق شهرة عالمية لتأثيراته ومساهماته ÙÙŠ الاتصال بين أمم ومجتمعات متعددة الديانات والثقاÙات والقوميات. وما زال العالم يذكره إلى هذا اليوم، ويجري الØديث عنه ليس لإسهاماته التجارية ÙØسب، وإنما لإسهاماته Ùيما يمكن أن يعر٠اليوم بØوار الØضارات أو الثقاÙات. وهذا ما التÙتت إليه منظمة اليونسكو التي شكلت Ùريقا علميا مع بداية القرن الØادي والعشرين لإØياء طريق الØرير، وإعداد مجموعة من الدراسات تبرز التأثيرات الثقاÙية والاجتماعية والاقتصادية له على تنمية المجتمعات التي كانت تقع ÙÙŠ طريقه.
* تجليات المركزية ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية الإسلامية
* وعند النظر إلى الثقاÙØ© العربية الإسلامية وأنماط علاقاتها بمكة المكرمة تتجلى لنا مركزية هذه المدينة ÙÙŠ منظومة تلك الثقاÙØ©ØŒ ÙˆÙÙŠ Øركتها واتجاهاتها. والأوصا٠التي تطلقها الأدبيات والكتابات العربية لهذه المدينة تعكس مكانتها المركزية ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية الإسلامية. Ùهي Øين يصÙها المØقق Øمد الجاسر يقول: كانت مكة وما تزال نقطة التقاء، ومركز تجمع لجميع المسلمين من مختل٠الأقطار الإسلامية، ولهذا كانت من أقوى مراكز نشر الثقاÙØ© بين تلك الأقطار، وصلة وصل بين العلماء ÙÙŠ شرق البلاد وغربها، شمالها وجنوبها، ÙˆÙÙŠ مختل٠العصور الماضية. وكان علماء الأندلس كما يضي٠الجاسر ÙŠÙدون إلى مكة المكرمة لا للØج ÙˆØده، ولكن لينشروا علما، وليستزيدوا منه، وليكونوا صلة بين شرق البلاد وغربها بالعلم والثقاÙØ©.
والمستشرقون الذين كانت لهم أبØاث Øول مكة المكرمة أظهروا مثل ذلك الوص٠وأكدوا عليه. ومن أشهر هؤلاء المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هورجرونيه الذي وصل إلى مكة ÙÙŠ 22 Ùبراير 1885 ومكث Ùيها ستة أشهر ونص٠الشهر، وظل ÙŠØضر مجالس العلماء هناك، ووطد علاقاته بكثير منهم، ونشر كتاباً مهما من جزءين، يرجع إليه الدارسون باهتمام كبير عن مكة المكرمة، Øمل هذا الكتاب عنوان «مكة المكرمة ÙÙŠ نهاية القرن الثالث عشر الهجري». ÙˆÙÙŠ هذا الكتاب اعتبر سنوك أن من المستØيل على المرء قراءة الآلا٠العديدة من الإنتاج الأدبي العربي الذي سطر Øول هذه المدينة. وبعد أن أسهب كثيرا ÙÙŠ وص٠تÙاصيل الØياة الاجتماعية والاقتصادية والثقاÙية Ùيها، اعتبر أن مكة المكرمة تمثل مركزا للعلم والثقاÙØ©. ومركزية مكة المكرمة ÙÙŠ الثقاÙØ© العربية الإسلامية تظهر ÙÙŠ صور عديدة من التجليات. ومن هذه الصور اختيار مكة المكرمة مكانا للبØØ« والتألي٠وإتمام الأعمال الÙكرية بصنوÙها المختلÙØ©ØŒ التوثيقية والتØقيقية والبØثية على اختلا٠تخصصاتها ومجالاتها، ÙÙŠ التÙسير والØديث والÙقه واللغة والأدب وغيرها من مجالات المعار٠والعلوم الإسلامية. وغالبا ما يكون هذا الاختيار مقصودا ومطلوبا لذاته، كسبا للتشريÙØŒ وطلبا للتسديد، وزيادة ÙÙŠ التبجيل، ورغبة ÙÙŠ أن تعم الÙائدة بهذا العمل.. إلى غير ذلك من Ù…Øاسن تØدث عنها أصØاب تلك الأعمال، وبنوع من الاهتمام ÙÙŠ مقدمات مؤلÙاتهم. ومن هؤلاء الزمخشري الذي أل٠كتابه الشهير ÙÙŠ تÙسير القرآن والمعرو٠باسم «الكاشÙ» ÙÙŠ جوار بيت الله الØرام، وبهذا الجوار لقب الزمخشري بلقب الجار لله. ومن هؤلاء أيضاً، الإمام البخاري صاØب كتاب «الجامع الصØÙŠØ ÙÙŠ الØديث»، وإلى جواره كذلك أنجز النØوي جمال الدين بن هشام الأنصاري كتابه ÙÙŠ اللغة «مغني اللبيب ÙÙŠ كتب الأعاريب»، كما أنجز أيضا عبد الرØمن بن إسØاق الزجاجي كتابه «الجمل» ÙÙŠ جوار ذلك البيت العتيق وهكذا آخرون.
ومن هذه الصور أيضا أن مكة المكرمة كانت المكان الوØيد ÙÙŠ العالم الإسلامي التي يجتمع Ùيها علماء الأمة على اختلا٠مذاهبهم ومللهم ومناهجهم، طلبا للعلم ونشره، وتØصيلا للرواية والسماع والإجازة، ورغبة ÙÙŠ التÙاكر والتذاكر، وليس هذا ÙØسب، بل ولتØصيل الكتب التي يتعثر الوصول إليها، Ùكان بعض العلماء كما يقول شوقي ضي٠إذا اÙتقد كتابا ولم يستطع الØصول عليه، رغم تطواÙÙ‡ ÙÙŠ البلدان، لجأ إلى النداء عليه ÙÙŠ الØج ليخبره عنه بعض من يراه ÙÙŠ مكتبة من المكتبات المتناثرة بين الأندلس وأواسط آسيا Øتى الهند.
|