ألمانيا: عبرة 50 سنة من الذكريات الصناعية والسياحية

لندن - عبد الصاحب الشاكري

إن قراري في إصدار مجلة السياحة الإسلامية بالطبعة العربية/الألمانية لتسير جنباً إلى جنب مع أخواتها باللغات الأخرى كان نتيجة لتراكم الذكريات عبر خمسين سنة من السفر، ومن ذكريات ظلت راسخة في وجداني.

وكانت سفرتي الأولى سنة 1955 حيث دعيت من قبل شركة باير لدورة تدريب في كيمياء صناعات المطاط وطرق إنتاجها، ومنها صناعة الأحذية الرياضية والجزم وغيرها من الأحذية وأجزائها، وكان المطاط هو المادة الثانية بعد الجلد الطبيعي في هذه الصناعات ولم تظهر لذلك التاريخ مواد اللدائن (البلمرز) أي المشتقات البترولية من مختلف أنواع البلاستيك مثل: بي في سي والبولي ريثان وغيرها التي أزاحت المطاط وحلت محله. أما دور المطاط وعلومه فقد ظل راسخاً كأساس من أسس تكنولوجيات اللدائن ومنتجاتها.

وكانت الدعوة إلى شركة باير في ألمانيا مدفوعة الأجر والإقامة والتدريب، وجاءت نتيجة عزمنا الشروع في صناعة الأحذية المطاطية. وهكذا بدأت السفرات تتوالى وتتنوع آفاقها وأبعادها الفنية والاقتصادية والعلوم الإدارية لها في حقول مختلف الصناعات المرافقة، وكان من أهمها زيارة المعارض المتخصصة.

وبالرغم من أهداف هذه السفرات الصناعية ومشاقها فقد كانت كأنها سفرات سياحية تبعث في النفس السعادة والثقة والمعرفة. ولم تكن الأعمال هي كل حياتي بل كانت فترت العطل والفراغ بين مواعيد العمل وحلول مواعيد المعارض التي أزمع زيارتها، وكانت هناك فترات إقامة طويلة فرضتها ظروف العراق غير المستقرة حيث قضيتها في كل ما يفيدني علمياً واقتصادياً وسياحياً.

وإذا كانت ألمانيا هي النموذج المجسم لذكرياتي عبر 50 سنة من الأسفار في أوربا وبلدان أخرى من العالم، فإن ذكرياتي في الدول الأخرى لا تقل كثيراً عن ألمانيا ومنها بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وتشيكوسلوفاكيا و 25 سنة الأخيرة من إقامتي في بريطانيا، حيث منها كنت أصول وأجول في المعارض الدولية المتخصصة في دول أوربا ودول العالم الأخرى بصفتي ناشراً لمجلتين مهنتين في حقول صناعات الجلود والأحذية والثانية في حقول الغزل والنسيج والملابس واستمر إصدارهما أكثر من عشر سنوات.

ونتيجة لتمتعي بمختلف أنواع السياحة والسفر والعمل في النشر الإعلامي المهني بدأت خطواتي منذ خمس سنوات في أعماق الإعلام السياحي بكل أبعاده. ولا يسعني الخوض في هذه الذكريات حيث لو أردت ذلك لتطلب مني الكتابة عنها عشرات الكتب لأوفي الخبرات والفوائد التي جنيتها في شتى مجالات الحياة ناهيك عن المصاعب والقليل من المخاطر التي تعرضت لها.

أكتفي بعرض بعض الصور التي تبرز الجانب الجميل من ذكريات هذه السنين التي عشتها خلال زيارتي أو إقامتي في ألمانيا وهي نموذج لما تمتعت به في دول أوربية وغيرها في العالم، والصورة خير معبّر عن الخبر وملخص له.

مهرجان ثقافة المسلمين حدث عالمي وليس أمرا محليا (العدد 12)