بنت الØضارات المتعاقبة عبر التاريخ مواقع ظلت شامخة عبر آلا٠السنين، من قلاع وصوامع وكنائس ومساجد وغيرها مما يتماشى مع اعتقاداتها وتصوراتها عن Ù†Ùسها وعن العالم، وتلبية لما جاءت به معتقداتها واÙتخارا بانجازاتها وانتصاراتها.
لم تكن السياØØ© بمÙهومها الØضاري اليوم من جملة الأسباب التي خططت لأجلها هذه المباني ÙÙŠ الأزمان الغابرة، وإنما Ù…Ùهوم السياØØ© هو Ù…Ùهوم جديد. وأستطيع أن أجزم بأن برج إيÙÙ„ الذي يعتبر رمزاً شامخاً Ù„Ùرنسا لم يكن تصميمه على اعتبارات سياØية، بل ربما كان نصبه لأمور Ùلكية أو بث إذاعي أو لمصلØØ© جمالية أخرى تزيد معالم باريس رونقا وجاذبية. وهكذا جميع ما أنشئ من معالم ÙÙŠ دول العالم قبل الØرب العالمية الثانية لم يكن Ù„Øسابات سياØية، أي أن الهد٠منه لم يكن استقطاب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† أنØاء المعمورة بل كان لطموØات وطنية وقومية وغير ذلك. والدليل على ذلك أنه لو كانت المباني والمعالم المدنية التي زينت الكثير من المدن الأوربية لغرض استقطاب السياØØŒ لما اشتعلت الØرب العالمية الثانية وخربت المدن وساكنيها وسياØتها.
بعد ما Ù†Ùضت أوربا غبار Øربها وخرجت دولها من قوقعة العزلة Øتى ما بين جيرانها، بدأت Øركة السÙر تدب وبدأت Ù…Ùاهيم السياØØ© تبرز وتتطور واقعياً واقتصادياً وعلمياً. ومن هذا المنطلق بدأت المؤسسات السياØية والدول ÙˆØتى الشعوب تتØسس أهمية هذه المنطلقات الØضارية والاقتصادية الجديدة، Ùأخذت تهتم بما خلÙت أجيالها من مواقع وآثار وكنائس وإبراز ونشر الثقاÙØ© السياØية ما بين شعوبها وزوار دولها.
عندما بدأت زياراتي الصناعية إلى أوربا ÙÙŠ أواسط الخمسينات انخرطت ÙÙŠ سÙرات سياØية أتجول ÙÙŠ مدنها وكنائسها ومواقعها الأثرية من غير أن أخطط لذلك Øيث زرت العديد من الكنائس ومنها الÙاتيكان ودومو ميلانو وصعدت على سطوØها واطلعت على تماثيلها العملاقة، بالإضاÙØ© إلى اطلاعي من الأعلى على مدنها، وزرت كذلك سانت بول بلندن ودوم كولون ÙÙŠ ألمانيا وغيرها من الكنائس والمقابر مثل مقبرة روما العميقة تØت الأرض ومقبرة نورمندي التي دÙÙ† Ùيها الجنود الذين قتلوا ÙÙŠ معركة تØرير Ùرنسا. وهكذا استغلت أوربا كل معلمة من معالمها لأجل السياØØ© بغض النظر عن أصولها وانتماءاتها Øتى وصلت إلى زيارة الورش الصناعية ÙˆÙتØت أبواب القصور الملكية لاستقطاب الزوار.
ولم تكتÙÙŠ أوربا بما لديها من آثار سياØية Ùأخذت تعد الدراسات والخطط لإقامة مشاريع جبارة مخصصة لاستقطاب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† الداخل والخارج لا يسع المجال لإدراجها وأكتÙÙŠ بذكر واØدة منها وهي ما قامت به بلدية لندن من إنشاء ما يسمى بعين لندن. وهذه العين عبارة عن دولاب هواء كبير تدور Ùيه غر٠زجاجية مقÙلة أو يمكن تسميتها (دواليب أو عربات) تدور معلقة ÙÙŠ الÙضاء لتمكن Ø§Ù„Ø³Ø§Ø¦Ø Ù…Ù† مشاهدة كل أطرا٠مدينة لندن من الأعلى. وهذه المعلمة السياØية وما جاورها من مطاعم وأØواض أسماك (أكواريوم) لم أشاهد من قبل مثيلاً لها من Øيث الكم والأنواع والألوان والأØياء البØرية ومعارض الصور ÙÙŠ مساØØ© Ù…Øدودة تجاور دار بلدية لندن المطلة على نهر التيمس، Ùقد تجلب هذه العين ما لا يقل عن مائة أل٠زائر يومياً Øسب تقديري. والدخول إليها يكون بثمن ليس بالقليل، Ùأي موارد أعطت هذه البقعة المجاورة لدار البلدية ØŸ
هذا هو الØال ÙÙŠ الغرب، Ùلعل أبرز ما أنتجته السياØØ© والسÙر ÙÙŠ أوروبا بعد الØرب العالمية الثانية، هو ÙˆØدتها وتوØيد عملتها. Ùما هي مقومات السياØØ© لدينا وما أهمية مقومات إعمارها ضمن خصوصياتنا الØضارية والدينية والتراثية؟
لو ألقينا نظرة سريعة على كيÙية نشأة معظم مدننا ذات المعالم البارزة ÙÙŠ يومنا هذا لوجدنا أن معظمها بدأت تنهض نتيجة لاØتضان أرضها جسد إمام أو صØابي أو ولي من أولياء الله Øيث يقصدهم الزوار من كل Øدب وصوب لزيارتهم والتبرك بهم والإقامة Øول أضرØتهم. وبذخ سلاطينها وقادتها وميسوريها الأموال ÙÙŠ إعمارها وإعمار مقاماتها ومساجدها وغيرها من المراÙÙ‚ الأخرى، مثل المدارس الدينية، تلبيةً لإيمانهم بأهل بيت النبوة والصØابة والأولياء الصالØين عند الله. وكمثال على ذلك النج٠وكربلاء والكاظمية والسيدة زينب ÙÙŠ دمشق والقاهرة، والمقامات الأخرى وغيرها من المدن، ولا تزال هذه الØركة المتصاعدة من الزوار أو ما نسميها اليوم بـ"السياØØ© الدينية" ÙÙŠ تصاعد مستمر.
من هذا المنطلق أخذت المملكة العربية السعودية توسع المواقع المØيطة بالكعبة المشرÙØ© والمسجد النبوي الشريÙ. كما إنها اهتمت بكل متطلبات الØج والعمرة التي جعلتها على مدار السنة، وأولت هذا القطاع الاقتصادي الهام كل اهتمامها والكثير من استثماراتها ولا يزال المزيد من كنوز مواقع التراث الإسلامي منذ ظهوره تØتضنها تلك الأرض المباركة، وهي تهم كل مسلم. وهذه المواقع تØوي جوانب من Øياة الرسول الأعظم (ص) ما بين أهل بيته وأصØابه البررة Øيث إن إعمار مقابرهم إعمار للتراث الإسلامي وقيمه الإيمانية التوØيدية ناهيك عن المردود الاقتصادي الذي يأتي من أعداد الزوار الآتين من بقاع العالم ويعدون بالملايين.
وهذه إيران التي أخذت تخص السياØØ© الدينية باستثماراتها ولديها اهتمام كبير بالمزارات والمواقع الدينية الأخرى. وزيارة واØدة إلى مدينة مشهد وما وصلت إليه من توسع وعمران وإقبال متزايد من الزوار لهي دليل قاطع بأن الاستثمار ÙÙŠ هذه الØقول له خير مردود إن كان على المستوى الاقتصادي أو على صعيد رÙع القيم الإنسانية الخيرة لدى المجتمعات المقيمة والزائرة.
ماذا عن العراق ؟
لو نجى الله العراق من هذه الÙتنة البغيضة ÙˆØÙ„ السلام ÙÙŠ ربوعه Ù„Ø£ØµØ¨Ø Ù‚Ø¨Ù„Ø© السياØØ© ÙÙŠ العالم. وبعد إعمار البنية التØتية ÙÙŠ كاÙØ© مدنه وسد Øاجات الناس الضرورية لا بد من أن تتوجه الاستثمارات الكبيرة إلى متطلبات الثورة السياØية وذلك بإعمار الأضرØØ© والمزارات والمواقع الأثرية والمدن ووسائل السÙر والتنقل وبناء أضخم الÙنادق والمطاعم استعداداً لاستقبال ملايين الزوار أو Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† الدول المجاورة وأركان المعمورة الأخرى وبذلك Ø³ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù…Ù†Ø·Ù‚Ø© كلها خلية Ù†ØÙ„ تعج بالسياØ.
أخيراً إن الاستثمار ÙÙŠ إعمار المواقع الدينية ومتطلبات السياØØ© الدينية والعائلية ÙÙŠ بلداننا أضمن وأكثر Ù†Ùعا وثوابا لدنيانا وآخرتنا إن شاء الله.
إذا خسرت الدول العربية والإسلامية المعركة السياسية Ùعليها أن تعمل لكسب المعركة السياØية وهي أم المعارك. وهذا ما كان ÙÙŠ تصوري عندما أقدمت على إصدار مجلة "السياØØ© الإسلامية" وتكوين موقعها على الإنترنيت اللذين أصبØا معلمة Øضارية يشار إليهما بالتقدير ÙˆØ§Ù„Ù…Ø¯ÙŠØ Ù…Ù† قبل كل من اطلع عليهما.
والله ولي التوÙيق
عبد الصاØب الشاكري |