صنعاء - خالد عزب
الØياة 20/09/2004
لا بد من صنعاء وإن طال السÙر. هكذا قال المؤرخون، وهكذا قلت بعد رØلات عدة ÙÙŠ أقطار شتى ÙÙŠ العالم. Ùزيارة صنعاء تختل٠عن زيارة غيرها، خصوصاً هذا العام الذي اختيرت Ùيه لتكون عاصمة للثقاÙØ© العربية، Ùشهدت المدينة تظاهرات ثقاÙية عدة بدعم من المنظمة العربية للتربية والثقاÙØ© والعلوم.
غير أن أهم هذه التظاهرات مؤتمر "صنعاء التاريخ والØضارة" الذي عقد بمشاركة خبراء آثار من مصر والعراق والسعودية وألمانيا والولايات المتØدة وإيران والأردن.
وكشÙت أوراق هذا المؤتمر مدى التنوع الأثري ÙÙŠ اليمن، الذي يمكن أن يجعله ÙÙŠ مقدم الدول السياØية ÙÙŠ الشرق الأوسط. غير أن أكثر ما ينقص اليمن هو إعداد كوادر من المرشدين السياØيين المتخصصين، Ùضلاً عن الØاجة الملØØ© للتوسع ÙÙŠ الخدمات الÙندقية. إذ أن Ùنادق صنعاء Ù…Øدودة ما بين "شيراتون صنعاء" Ùˆ"ميركيوري" Ùˆ"سبأ" وغيرها من الÙنادق المتواضعة التي لا تتناسب Øجماً ولا كيÙاً مع تراث مدينة تعد من أكبر وأهم المدن التراثية ÙÙŠ العالم.
ومن المؤس٠أن مجال ترميم الآثار والØÙاظ على المدن التاريخية لم يأخذ مكانته بعد ÙÙŠ اليمن، Ùقد كش٠المؤتمر عن هوة بين الأثريين اليمنيين والمهندسين المعماريين سببها عدم وجود وعي لدى المعماريين بأساليب الØÙاظ على المدن القديمة وترميمها. يؤكد ذلك استبعاد الأثريين اليمنيين من موسوعة صنعاء التي تعدها منظمة العواصم والمدن الإسلامية التي يشر٠عليها الدكتور عبد الرقيب طاهر من جامعة صنعاء.
ومع ذلك لا تزال صنعاء المدينة العربية التراثية الوØيدة التي لم تخترقها الØداثة العمرانية لتØدث Ùيها Ùجوة بين معمارها التراثي وتشوهات العمارة الØديثة، ويØسب لوزارة السياØØ© والآثار اليمنية Øرصها على ذلك. ومن باب اليمن إلى قلب المدينة القديمة ينتقل الإنسان Ùجأة من القرن العشرين إلى العصور الوسطى. الأسواق كما هي، كل شيء كما هو، ÙÙŠ نادرة تراثية يجب الØÙاظ عليها ومقأومة تغييرها.
Ùصنعاء المدينة القديمة هي من أقدم مدن الأرض، ويرجع تاريخها إلى العصر السبئي، ولا تزال تØتÙظ منذ آلا٠السنين بالغموض والظلال الأسطورية، بما يطلق عليه عباقرة المعمار الهندسي: الجزر الØدائقية، أو ما يعر٠ÙÙŠ صنعاء بنظام البناء Øول (المقاشم).
ÙˆÙÙŠ صنعاء العتيقة Ø£ØµØ¨Ø Ø§Ù„ÙÙ† كائناً Øياً يسير ÙÙŠ الأزقة، وينÙØ° من تدرج ألوان العقود، ويتسلل إلى أعماق النÙس البشرية معطراً بنكهة التاريخ.
ورد ذكر صنعاء ÙÙŠ نقوش المسند التي تعود إلى أواخر القرن الأول الميلادي، إشارة إلى مكانة صنعاء التاريخية التي ازدادت أهميتها Øتى صارت عاصمة للدولة الØميرية ÙÙŠ عهد الملك يوس٠أثار ذو نواس، آخر ملوك الØميريين ÙÙŠ مطلع القرن السادس الميلادي، ومن بعده اتخذها الأØباش أيضاً عاصمة لهم، ثم من بعدهم الÙرس. وظلت عبر العصور إما مدينة مهمة وإما عاصمة لإØدى الدول الØاكمة، كما كانت Ù…Øطة مهمة على طريق التجارة. ÙˆÙÙŠ العصر الإسلامي، دخلت صنعاء مرØلة أخرى وطوراً جديداً Øلّ الجامع الكبير Ùيها Ù…ØÙ„ كنيسة أبرهة (القليس). وانتشرت القباب ÙÙŠ سماء المدينة وألØقت بها المدارس واتسعت الØدائق.
ويÙقدّر عمر بعض دور صنعاء القديمة بأكثر من 500 عام. ويعتقد بأن أساسات بعض تلك الدور يرجع إلى أكثر من أل٠عام، إذ جرت العادة أن يعاد بناء ما تهدم من دور المدينة مكان الدور السابقة Ù†Ùسها.
تعرضت صنعاء القديمة لعدد من الكوارث الطبيعية وويلات الØروب القديمة، لكنها صمدت أمام كل ذلك وأعيد بناء كل ما هدم منها. ثم توسعت ÙÙŠ Ùترات لاØقة خصوصاً خلال Øكم الدولة الأيوبية (القرن 12Ù…). كما توسعت خلال الØكم العثماني الأول لليمن، وأضي٠إلى صنعاء ØÙŠ جديد هو "ØÙŠ بير العزب" الذي يتميز بطابعه المعماري المتميز عن طابع صنعاء القديمة من Øيث الØدائق ونواÙير المياه. ÙˆÙÙŠ منتص٠القرن السادس عشر توسعت مدينة صنعاء بإضاÙØ© ØÙŠ جديد آخر ÙŠÙعر٠بإسم "قاع اليهود".
وكانت صنعاء القديمة Ù…Øاطة بسور يرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي، غير أنه توسع مع توسع المدينة Ùشمل الأØياء الجديدة، وكانت له ستة أبواب لم يبق منها اليوم سوى الباب الجنوبي (باب اليمن). وتهدمت أجزاء من السور الذي لا يزال بعضه قائماً وبخاصة الجزء الشرقي وبعض الجزء الشمالي والجزء الجنوبي المجأور لباب اليمن.
وتعتبر صنعاء أجمل المدن ÙÙŠ اليمن ÙˆÙÙŠ شبه الجزيرة العربية، Ùهي ذات مناخ معتدل طوال العام. كما أنها Ùريدة عجيبة وليس لطابعها المعماري نظير. وقد كتب عنها المؤرخون ووصÙها الأدباء وتغزل بها الشعراء. ويمكن القول إنها متØ٠إسلامي رائع وتراث ثقاÙÙŠ عالمي شأنها شأن القدس ÙˆÙاس والبندقية. وقد اعتبرتها منظمة اليونسكو من التراث الإنساني العالمي وأعلنت Øملة دولية Ù„Øمأيتها وصيانتها.
وتضم صنعاء العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والسياØية، كما اشتهرت بكثير من المآثر التي أشاد بها التاريخ، ومن ذلك:
* المساجد:
يوجد ÙÙŠ صنعاء القديمة ما يزيد عن 50 جامعاً ومسجداً تاريخياً معظمها بمآذن غأية ÙÙŠ الروعة والجمال والزخارÙØŒ وبعضها بقباب جميلة، وأعظمها جميعاً "الجامع الكبير" وهو من الآثار العجيبة الإسلامية ويعتبر من المآثر الخالدة لما Ùيه من البناء الضخم، وما خص به من الإتقان والÙÙ† المعماري المميز. واسطواناته بعض من الآثار الØميرية وأنقاض قصر غمدان، وأغلبها Øجر واØد من الأساس إلى منØنيات العقود. وعلى بعضها نقوش بهندسة دقيقة متقنة بأشكال مختلÙØ©ØŒ وكذا سقÙÙ‡ العجيب الذي يستوق٠الناظر إليه. ويعتبر هذا الجامع من أقدم مساجد اليمن، إذ كان بناؤه بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على يد رسله الذين أرسلهم إلى اليمن مثل وبر بن ÙŠØنس الأنصاري وأبان بن سعيد والمهاجر بن أمية ÙˆÙروة بن مسيك. وقد أدخلت عليه الإضاÙات المتعددة. ويعود تاريخ البناء الØالي إلى أيام الدولة الجعÙرية أواخر القرن التاسع الميلادي. ثم أسهمت ÙÙŠ توسيعه السيدة أروى بنت Ø£Øمد الصليØÙŠ وآخرون. وهو من المدارس العلمية والÙكرية المهمة طوال Ùترة التاريخ الإسلامي Øتى اليوم وتتبعه "المكتبة" وهي أشهر مكتبة مخطوطات ÙÙŠ اليمن.
وهناك عدد من المساجد الأخرى التي لا تقل جمالاً وروعة من Øيث طراز المآذن والقباب والزخار٠الÙنية، مثل قبة المهدي عباس (القرن 18Ù…) ØŒ وقبة البكيرية التي تعود إلى الÙترة العثمانية الأولى وجددت نهأية القرن التاسع عشر بأمر من السلطان العثماني عبدالØميد، وقبة طلØØ©ØŒ وقبة المتوكل وغيرها.
* قصر غمدان
ويعتبر من الآثار التي أشاد بها التاريخ، وإن كان قد طمس وبني مكانه قصر غمدان الØالي، وكان ممتداً شرقاً من شرق الجامع الكبير وشمال باب اليمن ولا يزال موقعه معروÙاً بمساØØ© مرتÙعة من التراب الذي هو بقية آثار خراب القصر.
ذكر المؤرخون قصر غمدان ÙÙŠ عدد من كتب التاريخ، ويزيد الرواة ÙÙŠ وص٠عظمته، Ùقيل إنه كان مربعاً، أركانه مبنية بالرخام الملون، وإن له عشرين سقÙاً، وكل سق٠عشرة أذرع، وكانت غرÙØ© الرأس العليا مجلس الملك وأطبق سقÙها برخامة واØدة Ø´ÙاÙØ©ØŒ Ùيعر٠الجالس ÙÙŠ الغرÙØ© الغراب من الØدأة من تØت الرخامة، وكان على ØروÙها أربعة تماثيل أسود من Ù†Øاس مجوÙØ©ØŒ Ùإذا هبت Ø§Ù„Ø±ÙŠØ Ùدخلت أجواÙها سمع لها زئير كزئير الأسد.
وكان يتصدر مدخل القصر ساعة مائية، وكانت تزين Ùناءه Øديقة غناء وقنوات جارية، ÙˆÙÙŠ جانب من الÙناء نمت نخلة سامقة تسمى "الدالÙØ©". ويقال إن قصر غمدان هدم ÙÙŠ أيام عثمان بن عÙان.
* السماسر
السماسر هي الخانات، وكان ÙÙŠ صنعاء القديمة عدد منها تؤدي وظائ٠نوعية مكملة Ù„Øركة السوق وتقدم خدمات الأيواء والتخزين ÙˆØÙظ الودائع والØاجيات الثمينة، وهي ذات نمط معماري معين يغلب عليه أسلوب العقود والشرÙات من الداخل. وعر٠ÙÙŠ صنعاء سماسر كبيرة أشهرها "سمسرة Ù…Øمد بن الØسن" Ùˆ"سمسرة مريد" Ùˆ"سمسرة الشماه"ØŒ وغيرها. وهناك نماذج لهذه السماسر، واØدة منها، "سمسرة النØاس" عند مدخل سوق Ø§Ù„Ù…Ù„Ø Ù…Ù† طريق باب اليمن، هي اليوم مركز لتدريب الØرÙيين وعرض منتجاتهم. وعلى مقربة منها نموذج آخر "سمسرة المنصور"ØŒ وهي Øالياً مركز لعرض أعمال الÙنانين التشكيليين.
* الأسواق
كانت السوق Ø£Øد المكونات المهمة للمدينة العربية الإسلامية، وتعتبر أسواق صنعاء القديمة مثالاً Øياً على ذلك. وهناك عشرات منها تختص كل واØدة بصنعة أو سلعة، مثل سوق البقر وسوق المØدادة وسوق المنجارة وسوق السراجين وسوق العنب وسوق الكواÙÙŠ وسوق المدأيع وسوق المبساطة وسوق السلب وسوق البز وسوق القات وسوق المخلاص وسوق الزبيب وسوق Ø§Ù„Ù…Ù„Ø ÙˆØ³ÙˆÙ‚ الÙتلة (الØرير)ØŒ وغيرها تعطر الأرجاء Ø¨Ø±ÙˆØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø´Ø±Ù‚ وتذكر بقصص "أل٠ليلة وليلة".
* الØمامات البخارية
عر٠اليمنيون الØمامات البخارية قبل الإسلام، وكانت تبني بجوار المعابد، كما كانت بعد الإسلام تبنى ÙÙŠ الغالب إلى جوار المساجد لصلة النظاÙØ© بالطهارة. ويوجد ÙÙŠ صنعاء القديمة Øوالي 15 Øماماً تعد من المكونات الأساسية للمدينة كونها باتت مظهراً٠Øضارياً للمدينة الإسلامية ÙÙŠ عصر الازدهار. وهناك تشابه بين طراز الØمامات ÙÙŠ اليمن وطراز الØمامات ÙÙŠ شمال Ø¥Ùريقيا وتركيا والشام. |