العمارة في اليمن: حضارة عريقة ومعالم آسرة

صنعاء -خالد الضبابي

بأيديهم نحت أهل اليمن كل شيء، الجبل والسفح وواجهة البيت بل وأبوابه ونوافذه. لم يترك اليمني شيئا بغير نقش، حتى الأساور والأحزمة والخناجر، فأينما ذهبت في القرى والمدن تترآءى لك تلك النقوش جميلة ونادرة، فتبدو لك القرى اليمنية المتناثرة فوق قمم الجبال الشاهقه، كما لو أنها كانت شريطا يعرض مجموعات من أعمال النحاتين العظام، وهي تدل على روعة الجهد الإنساني الذي بذل في بناء تلك المنازل الفريدة. يدهشك فعلا ذلك الفن المعماري الفريد، الذي تتباهى به اليمن.

الخلفية التاريخية للعمارة اليمنية

ومن المعروف أن العمارة اليمنية لم تكن وليدة الحاضر ولكنها ضاربة الجذور في أعماق التاريخ، ما قبل الإسلام بقرون عديدة ولها سماتها الفريدة. وما النقوش المسندية القديمة إلا دليلا قاطعا على عراقة هذا الفن وأصالته في اليمن. وهناك العديد من الباحثين الذين يربطون بين شكل أبجدية المسند وبين العمارة اليمنية.

والبعض أضاف إلى أوصاف اليمن وصفا آخر هو "بلد القصور"، فاذا ذكرت العمارة في اليمن لابد أن يذكر بجانبها قصر غمدان، الذي كان يعتبر من أقدم ناطحات السحاب في الحضارات القديمة إذ أنه بني في القرن الأول للميلاد، وهدم في عهد الخليفة عثمان بن عفان. وكان هذا القصر يتألف من عشرين طابقا، وكانت أحجاره من الرخام والجرانيت.

 Ø£Ù†Ù…اط العمارة اليمنية

يذكر آدم متز في كتابه "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" أربعة انواع من المدن الإسلامية: مدن على الطراز اليوناني، مدن البحر المتوسط، المدن التي كانت تشيد على الطراز الفارسي، كالمدن الإيرانية، ثم المدن التي على الطراز اليمني مثل صنعاء ومكة والفسطاط.

ويمكن تقسيم العمارة اليمنية إلى الأنماط التالية:

·       النمط الأول وهو عبارة عن منازل مبنية من الأحجار التي قدت من صخور المنطقة نفسها. وهذا النمط نجده في مناطق تعز وقرى المحويت وحجة.

·       النمط الثاني عباره منازل مبنية من الآجر والطوب المحروق. وهذا النمط سيلحظه الزائر معنا في المناطق كثيفة السكان نسبيا، كصنعاء وصعدة وزبيد.

·       النمط الثالث وهو عبارة عن منازل مبنية من الطين المضغوط (الصلصال). ويمكن للسائح ملاحظة ذلك في أماكن قليلة من اليمن، مثل البيضاء وسيئون. وقد يبلغ البيت منه ستة طوابق.

·       النمط الرابع وهو عبارة عن منازل مبنية من الطين. وهو يمثل أروع الأساليب التقليدية في اليمن، كما هو الحال في مدينة حضرموت والحديدة وأبين.

·       النمط الخامس وهو عبارة عن منازل مبنية على أطر من الاعواد ومغطاة بطبقات من القصب والقش وتسمى ( العشش).

·       النمط السادس وهو منازل الخيام المقامة على أعمدة ومغطاة بنسيج من شعر الماعز، كما في مناطق مأرب والجوف وحضرموت.

وهكذا يتفاوت الفن المعماري اليمني وتتعدد أنماطه قديما وحديثا وفق مادة البناء ومستواه وامكانياته وظروف المكان المناخية.

 Ø§Ù„بيت الصنعاني

والبيت الصنعاني قد يرتفع سبعة أدوار ويربط بين كل طابق وآخر حزام من الخارج ويعمل من المادة البنائية نفسها وبأشكال هندسية بديعة الزخرفة. ولكل دور وظيفة مستقلة، فالطابق الارضي يستعمل كمخازن وحضائر للماشية والرحى التي كانت تستخدم لطحن الحبوب، وهي أداة حجرية مستديرة. أما الطابق الثاني فهو خاص بالنساء والآطفال. أما الطوابق العليا فينفرد فيها الرجال. وفي معظم القصور الصنعانية حجرات علوية تدعى الواحدة منها (المفرج)، وهي غرفة مستطيلة الشكل مزينة جوانبها ورفوفها بتشكيلات زخرفية مفروشة بالفرش والمساند الملونة.

وقد تفردت صنعاء الاتية من عمق التاريخ ببراعة فنية في بنائها، مما أهلها اليوم لأن تصبح عاصمة الثقافة العربية لعام 2004.