الرباط-نورالدين سعودي
يعد رمضان الكريم، وهو الشهر التاسع ÙÙŠ السنة القمرية، الشعيرة الدينية الإسلامية الأكثر انتشارا ÙÙŠ العالم. وهو شهر ذو خصوصية متميزة بالنسبة للمغاربة والأمة الإسلامية جمعاء التي تتجاوز مليار نسمة.
إن الصيام خلال هذا الشهر المبارك هو من Ùرائض الإسلام الخمسة، وهو لا يق٠Ùقط عند الامتناع عن الأكل والشرب والتدخين والممارسة الجنسية من طلوع الشمس إلى غروبها، بل يعني أساسا مقاومة الشهوات الذاتية للإنسان وصر٠الوقت ÙÙŠ التخشع والتأمل الداخلي. ومعظم المغاربة ÙŠØبون شهر رمضان الكريم لقدسيته وطابع الØÙاوة الØميمية الذي يسوده، Ùهناك التعبد بالمساجد التي تÙيض بالمؤمنين خلال هذا الشهر المبارك، بينما ينهمك معظم الشباب ÙÙŠ ممارسة الرياضة التي أصبØت خلال هذا الشهر تلقى إقبالا كبيرا من لدن سكان الØواضر إما للØÙاظ على الصØØ© أو لتقليص الوزن أو لتمرير الوقت.
عند المساء، بعد صلاة المغرب، يجتمع Ø£Ùراد العائلة Øول مائدة الÙطور ÙÙŠ جو كله Ù…Ø±Ø ÙˆØ¨Ù‡Ø¬Ø©ØŒ ذلك لأن رمضان هو الشهر الوØيد الذي تلتئم خلاله الأسر المغربية كل مساء لتتناول ما لذ وطاب من الأكلات الشهية. وتبرز ربات البيوت خلال هذا الشهر الكريم كل ما لديهن من مهارة وإبداع ÙÙŠ ÙÙ† الطبخ المغربي الشهير. Ùهناك "الØريرة" وهي الشوربة الوطنية المتميزة والغنية بالسعرات الØرارية وبالتوابل، والتي ÙŠÙØªØªØ Ø¨Ù‡Ø§ المغاربة عادة وجبة الÙطور. يتم تناولها مع التمر Ùˆ"الشباكية" أو "البريوات" عادة.
وبعد ذلك يقدم المغاربة على المقبلات المتنوعة Øسب الأوساط والمناطق والأذواق: "البغرير" Ùˆ"الرغايÙ" أو "البطبوط" المدهونين بالعسل والزبد، Ùˆ"الØرشة"ØŒ "سلّو"ØŒ "كعب الغزال"ØŒ "بريوات" Ù…Øشوة باللوز المطØون أو بالجبن، وكلها مصØوبة بالمشروب الوطني، الشاي الأخضر بالنعناع.
وإذا كان رمضان الكريم شهر التقوى والتعبد والخشوع والسمو الروØÙŠØŒ Ùإنه أيضا Ùترة الاØتÙالية والسمر خاصة بعد الإÙطار، إذ بالإضاÙØ© إلى القناتين التلÙزيتين اللتين تتناÙسان على تقديم Ø£Ùضل البرامج الترÙيهية خلال هذا الشهر المبارك، Ùإن المدن تنظم ØÙلات وسهرات متنوعة بØسب الأذواق والأعمار تخلق جوا من Ø§Ù„Ù…Ø±Ø ÙˆØ§Ù„Ø§ØتÙالية يمتد يوميا إلى Øدود الÙجر.
وتمتاز الأيام العشرة الأخيرة من رمضان بتقدير روØÙŠ خاص من طر٠المغاربة، ولاسيما ليلة القدر، وهي الليلة التي أنزل Ùيها القرآن الكريم على النبي Ù…Øمد (ص)ØŒ Øيث عادة ما تكون مناسبة لتربية الأطÙال على الصوم. وبعد الÙطور يتم الاØتÙال بهم وذلك بإلباسهم البدلات التقليدية العريقة والأنيقة: القÙطان أو "القميص" بالنسبة للÙتيات Ùˆ"جبدور" أو"الÙوقية" بالنسبة للذكور، وبتزيين أيادي الÙتيات منهم بنقوش الØنة التي تعد من الطقوس المغربية العريقة المرتكزة على ما تختزنه الذاكرة الشعبية من معتقدات أهمها أن للØنة - وهي كما يقال نبتة خرجت من الجنة- Ùوائد شتى من شأنها Øماية الإنسان من أي شر أو أذى.
وخلال هذه الليلة المباركة يتعشى المغاربة عادة بالأكلة الوطنية "الكسكسي" أو بالدجاج ويقدمون العشاء للمعوزين بالمساجد المجاورة. ÙÙŠ هذه الÙترة تطغى الممارسات الروØانية المتميزة على Øياة الأسر المغربية التي تقضي لياليها بالخصوص ÙÙŠ الصلاة وتلاوة آيات بيّنات من القرآن الكريم.
تضامن بلون خاص
كما أن ما يميز رمضان هو أن الملك الراØÙ„ الØسن الثاني، بصÙته أميرا للمؤمنين، اختار هذا الشهر لعقد "الأØاديث الرمضانية" التي يستدعى لها ألمع Ùقهاء الأمة الإسلامية لتنوير الرأي العام ولتشجيع باب الاجتهاد. ومع اØتÙاظه بهذا التقليد الÙكري، Ùإن خلÙه، الملك Ù…Øمد السادس، أضا٠إليه عملا اجتماعيا يتمثل ÙÙŠ "Øملة التضامن الوطني" الرامية إلى مساعدة المعوزين. يقوم خلالها الملك بنÙسه بتوزيع هذه الإعانات الغذائية التي تثلج صدور العائلات الشعبية مما أدى إلى تلقيبه بـ"ملك الÙقراء".
غير أن الجولة الملكية ذات بعد أعمق من هذا بكثير، Øيث تكون مناسبة يعطي خلالها العاهل المغربي الانطلاقة لمشاريع اجتماعية-اقتصادية تنموية بنيوية: سكن اجتماعي، شبكة الكهرباء وماء الشرب والتطهير، مركبات الصناعة التقليدية، مراكز إيواء التلميذات بالمناطق الريÙية، تجهيزات طبية، وغيرها. كما أنه يق٠أثناءها على مستوى تنÙيذ المشاريع التي سبق أن دشنها سابقا.
وأنشأت لهذه الغاية "مؤسسة Ù…Øمد الخامس للتضامن" التي تشر٠على مجمل هذه الأعمال. وقد وظÙت هذه الأخيرة منذ نشأتها إلى نهاية عام 2003 مبلغ 1.7 مليار درهم، Øوالي 26% منها خصصت لمشاريع التنمية المستديمة Ùˆ 19% للدعم الغذائي، تليهما تقوية البنيات الاستشÙائية ومراكز المعاقين والتلاميذ والأطÙال.
ويلاØظ أيضا أن المجتمع المدني لا يدخر جهدا ÙÙŠ باب التضامن. وتجدر الإشارة هنا إلى تجربة كريم التازي، وهو مقاول شاب تأثر Ø¨Ø±ÙˆØ Ø§Ù„ØªØ¶Ø§Ù…Ù† العالية التي امتازت بها والدته ثريا التي كانت مبادرة ÙÙŠ تقديم وجبات الÙطور للÙقراء، Ùأقدم على مبادرة Ùريدة تمثلت ÙÙŠ إنشاء "جمعية بنك التغذية لمØاربة الجوع" سنة 2002ØŒ مهمتها القيام بدور الوسيط بين جمعيات الأØياء من جهة والمقاولات المنتجة للمواد الغذائية من جهة ثانية.
ويقول كريم التازي موضØا عمله: "نقول لأرباب الشركات بأنهم إذا أعطونا منتجاتهم التي لم تبع Ùإننا نتعهد بتسليمها للجمعيات التي ستØسن تصريÙها. نضمن لهم هذا من خلال التوقيع على عقد مع المقاولة المانØØ© ينص على تØملنا مسؤولية تجميع المواد والتعهد بعدم بيعها وباستهلاكها خلال مدة صلاØيتها. ومن جهة ثانية، نوقع عقدا مع الجمعية المستÙيدة تلتزم من خلاله بقبول مراقبتنا لها وبعدم بيع المواد وبالعمل على استهلاكها ÙÙŠ أقرب الآجال".
ويضي٠التازي:"يتميز بنك التغذية بهذه السمة النادرة ألا وهي أنه مسيّر كمقاولة تضع Øلقة وصل بين عالم الاقتصاد والعمل الخيري. هذا Ùضلا عن توÙره على ÙƒÙاءات تÙتقدها الجمعيات الخيرية، لاسيما ÙÙŠ مجال التسويق اللوجستيكي: إذ لا يكÙÙŠ القيام بتجميع الهبات، بل يجب أيضا التوÙر على وسائل لتخزينها وتوزيعها".
وبعد بداية عسيرة، تمكن البنك من إقناع جزء هام من أرباب الشركات، مما Ø³Ù…Ø Ù„Ù‡ بتوسيع دعمه لتعليم الÙتيات القرويات ÙÙŠ المدارس.
الأعمال المربØØ©
إلى جانب بعده الديني والروØÙŠ والتضامني، شهر رمضان هو أيضا Ùرصة لتØقيق أنشطة مربØØ© اقتصاديا. بالطبع، تعر٠المنتجات الغذائية خلاله رواجا منقطع النظير ودينامية استثنائية، غير أن قطاع الألبسة الجاهزة للأطÙال يشهد بدوره نشاطا Ù…Øموما، إذ يكون سكان الأØياء الشعبية أكثر تأثرا بمغزى العيد الذي يعد مناسبة لإرضاء أطÙالهم بشراء ملابس جديدة لهم. هكذا، تØقق بعض الشركات ما بين 15 إلى 30% من مبلغ مبيعاتها السنوية خلال هذا الشهر مما يعوضها عما Ùقدته ÙÙŠ الأسواق الدولية مع اØتدام المناÙسة من قبل الآسيويين والأتراك والتونسيين. وبÙضل سياسات تجارية تشجيعية (تخÙيضات بـ 30 إلى 50%) تشهد متاجر الألبسة الجاهزة تدÙقا ملÙتا للنظر للزبناء خلال الأيام الأخيرة من رمضان.
وأخيرا، يوم عيد الÙطر يمتاز بالإضاÙØ© للبهجة الخاصة التي تطبع الأسر المغربية والملذات الغذائية (Øلوى، بغرير، مسمن...) بتوزيع الÙطرة على الÙقراء لكي يعيشوا بدورهم ÙرØØ© العيد. |