بقلم وعدسة: دومينيك وسوزان ميرل
"انسينديو! Øريق! انسينديو!"
لقد كان إيقاظا مزعجا ÙÙŠ الساعة الواØدة Ùجرا ونØÙ† ÙÙŠ غرÙØ© بالطابق السادس من Ùندق سان Ùرانسيسكو ألمانتي، وتبعه طرق على الباب، وقيل لنا باللغتين (الإنكليزية والإيطالية) أن علينا مغادرة الÙندق بأسرع وقت بواسطة السلم. وقد شممنا من الطابق الرابع رائØØ© Øريق، وجاءني خاطر بأن هذا الÙندق على الرغم من كونه ÙÙŠ الأصل دير مليء بالمعاجز، Ùإننا ننØدر إلى Ù…Øرقة جهنمية.
وبناء على هذا الخاطر، برز لنا رجل أطÙاء ذو مظهر جميل جدا مع شارب دنيء ÙرØب بنا ÙÙŠ قاعة الاستقبال. "يومكم سعيد!" قالها وهو يشير لنا بأن نق٠ÙÙŠ الشارع مع النزلاء بثيابهم غير المرتبة.
وكانت النار Ù…Øصورة ÙÙŠ Øيز صغير ÙÙŠ مطبخ الطابق الرابع، Ùتم إطÙاؤها بسرعة وأخبرنا بسلامة العودة إلى غرÙنا. ولكن منظر مرÙØ£ نابولي كان يشد الأنظار. ولم ÙŠØتج الجميع من عمال الÙندق ورجال الإطÙاء والغرباء إلى وقت طويل لأن ينغمسوا ÙÙŠ Ù…Øاورة Øامية.
وأهل نابولي يقولون عبارة ترجمتها غير الØرÙية هي " اخط٠اللØظة". وهم يعتقدون أنه Øتى ÙÙŠ أشد اللØظات توترا يمكن العثور على درجة من السعادة. وكنت على وشك إدراك مثال على ذلك.
لقد قام عامل ÙÙŠ الÙندق بتشغيل ماكنة اسبريسو ÙÙŠ مدخل الÙندق ليديم المناقشة. وعند عودتي إلى المبنى كانت هناك مجموعة صغيرة من عمال الإطÙاء وعمال الÙندق وهم ÙŠØملون أكواب الشاي بأيديهم ويتØدثون ويضØكون، ويتمتعون بالهواء الليلي والمنظر الجميل جدا. توجهت أنا Ù†ØÙˆ غرÙتي مباشرة، بينما هم خطÙوا اللØظة.
هذا هو وجه نابولي الذي لم يصل الصØاÙØ© ولا تناقلته الأÙواه. ÙˆÙÙŠ أغلب الأØيان، يعتبر Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù‡Ø°Ù‡ المدينة-الميناء الولد الشقي لإيطاليا، ويستعملونها كمØطة انتقال إلى المناطق الجذابة المØيطة مثل بومبي، كابري وشاطئ أمالÙÙŠ. ÙˆØتى الإيطاليين الشماليين يكونون Øذرين عندما يضعون أقدامهم ÙÙŠ نابولي.
وطبعا من الصØÙŠØ Ø£Ù† بعض الإيطاليين هم بالإضاÙØ© إلى خطÙهم اللØظة، Ùإنهم متدربون على خط٠مØÙظتك أو نقودك. ولكن مع قليل من الإدراك والØذر المعتاد، إذا تركت لهم الÙرصة، Ùقد يخطÙون قلبك.
لقد كنت وزوجتي سوزان جزءا من مجموعة صغيرة تقودها شركة كانتالوبو تورز ÙÙŠ إيطاليا. وكان قائد مجموعتنا ومدير البرنامج، السيد ميكائيل سان Ùيليبو، ينو٠على الأربعين، من نيويورك، وهو Øريص تماما على تØسين صورة جنوب إيطاليا وصقلية.
"انظروا Øولكم" قال ذلك ونØÙ† ÙÙŠ أول تجوال لنا ÙÙŠ "نابولي القديمة" والشاطئ. "هل تØسون بخوÙØŸ"
وكانت الشوارع الضيقة المرصوÙØ© بالØجارة يتقاسمها المارة والدراجات النارية والسيارات. ولا توجد هنا قواعد، ولا أرصÙØ©ØŒ ولا إشارات مرور، ولكن يبدو أن كل ذلك يعمل بتناسق تام. وكانت النسوة النابوليات يعدن من السوق ورائØØ© عصير الطماطم المطهو واضØØ© ÙÙŠ كل مكان.
توقÙنا لتناول الغداء ÙÙŠ Ù…ØÙ„ للبيزا ذي طابقين اسمه لومباردي وهو بالقرب من دومينيكو ماغيوري بيزا. وكان مزدØما بالزبائن من الأهالي Ùانتظرنا 15 دقيقة للجلوس إلى طاولة. ومن المتÙÙ‚ عليه عالميا أن البيزا قد بدأت من نابولي، ومعظم النابوليين ما يزالون ÙŠÙضلونها على النØÙˆ التقليدي: رقيقة ومغطاة Ùقط بالطماطم، وجبن المزيرالا وعشب الباسل. وينجم عن ذلك بيزا بالألوان الأØمر والأبيض والأخضر، وهي ألوان العلم الإيطالي.
ولما كان الطعام البØري متوÙرا هنا بكثرة، Ùإن الأسماك المØارية والØبار وغيرها من الأسماك تستعمل ÙÙŠ البيزا. ويأكل الأهالي البيزا بالسكين والشوكة، وليس بأيديهم. وتأتي البيزا ÙÙŠ Øجم واØد، وهو ÙÙŠ العادة يكÙÙŠ لشخص واØد.
وتوجهنا بعد الغداء إلى شارع ضيق ملتو يعر٠بـ"شارع الميلاد"ØŒ Øيث تباع، على مدار السنة، قطع يدوية مزخرÙØ© تبين ولادة السيد Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ (ع). ولما كان الوقت قريبا من موسم عيد الميلاد، Ùقد زينت الدكاكين بمشاهد من ولادة السيد المسيØØŒ ويرى الكثير من الØرÙيين وهم يقومون بأعمالهم.
وتوقÙت وزوجتي عند دكان صغير، وبدلا من مشاهد الميلاد، Ùقد أدهشنا منظر شخص أسطوري يعر٠بـ"الكوبو"ØŒ وهو رجل Ø£Øدب ÙŠØمل خليطا من الأشياء: ÙÙ„ÙÙ„ØŒ ÙˆØدوة Øصان، وسمكة ومظلة. ويÙترض Ùيه أنه يطرد Øسد الØاسدين بخليطه السØري.
وسألت شابا ÙÙŠ الدكان عن ثمن "الكوبو"ØŒ وبعد أن اتÙقنا، وعندما كان يقوم بل٠الشخص الخشبي أدرك أنه قد باعه بسعر خاطئ، بÙارق 80 يورو عن السعر الØقيقي. ورغم مسØØ© الØزن ÙÙŠ عينيه Ùقد أصر على أنني أستطيع شراءه بسعر مرخص بقدر كبير.
وإما أن يكون هو ممثلا جيدا ÙÙ€"خط٠اللØظة" أو إنني كنت زبونا Ù…Øظوظا Øصل على مساومة جيدة. واخترت تصديق الأخيرة، لأنه لم يكن Ù„ÙŠØ±Ø¨Ø Ø´ÙŠØ¦Ø§ من إظهار السعر الØقيقي ÙÙŠ تلك المرØلة.
وقد مشينا ÙÙŠ شوارع نابولي القديمة المزدØمة عدة مرات خلال إقامتنا، منÙردين أو ضمن الجماعة، Ùوجدنا أن الباعة المØليين مستعدون للمساعدة إذا ما تقدمنا بطلب Ù…Ùهوم. ولا أذكر أنني شاهدت الكثير من Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø¹Ø§Ù„Ù…ÙŠÙŠÙ† ÙÙŠ الطريق.
إذن أين يذهبون، هؤلاء القطعان الذين يأتون بالبواخر والطائرات؟ كابري، كمدخل، وهذا هو المكان الذي كان على قائمة زيارتنا ÙÙŠ اليوم التالي.
وأخذنا مركبا من نابولي (لمدة ساعة تقريبا وبأجرة 10 دولارات) إلى الجزيرة الجميلة والرومانسية.وعند اقترابنا من كابري، ذكرتني بتلك الجزر اليونانية الجميلة، الشبيهة بـ"مايكونوس"ØŒ على سبيل المثال. ÙˆØالما ذكرت ذلك للشقراء الطويلة التي ستقود Ùريقنا ÙÙŠ جولة كابري، ربيكا بروكس، قالت بأدب إن جمال كابري ليس له مثيل.
وبالطبع، Ùإن ربيكا التي تدير شركة تسمى كابري تايم متØيزة تماما. وهي المواطنة القادمة من نيو أورليانز التي عشقت الجزيرة منذ عام 1994ØŒ قررت الاستيطان هنا بصورة دائمة ÙˆÙتØت لها دكانا. وقد وسعت أعمالها Øاليا Ùشملت بومبي وشاطئ أمالÙÙŠ وهي ØªØ·Ù…Ø Ø¥Ù„Ù‰ شمول توسكاني، ولكن كابري هي ما تدعوه Øاليا بيتها. وقمنا بجولة Øول الجزيرة ÙÙŠ قارب، ودخلنا ÙÙŠ عدد من الكهوÙØŒ وبضمنها الكه٠الأزرق الشهير Øيث يتغير لون الماء من الأزرق إلى الأخضر، وتغدينا ÙÙŠ مطعم على الشاطئ Øيث لا توجد قائمة بالمأكولات ("أنا القائمة" قال النادل وهو يتغنى بالوجبات الخاصة بذلك اليوم) ثم أخذنا السيارة الكهربائية المعلقة إلى القرية على قمة الجبل.
ورتّب ميكائيل سام Ùيليب، قائد مجموعتنا، مع ربيكا لقيام بجولة لنا ÙÙŠ بومبي ÙÙŠ اليوم التالي، وهكذا عدنا إلى نابولي بØرا لليلة أخرى ÙÙŠ ديرنا المØوّل.
وسقنا ÙÙŠ اليوم التالي عبر الساØÙ„ إلى آثار بومبي التاريخية، Øوالي 45 دقيقة سياقة، ورØبت بنا ربيكا ÙÙŠ جولة أخرى. وقد هلك أهالي هذه المدينة الرومانية البالغ عددهم 15 أل٠نسمة ÙÙŠ سنة 79 ميلادية عندما ثار بركان جبل ÙيسوÙيوس، ولكن ما بقي منها هو مدهش للغاية.
الكثير من معالم المدينة القديمة ما يزال قائما، أو على الأقل نصÙÙ‡: البيوت، والأسواق، والمعابد، والØمامات العامة، وغيرها. وقد عرض ÙÙŠ صناديق زجاجية بقايا عدد من الضØايا "المØنطين" ÙÙŠ الرماد، ويظهر من ملامØهم الأخيرة الخو٠والقلق لاقتراب الموت. وهناك Ùقط صبي قام بتغطية وجهه بقطعة قماش، وأم يبدو أنها تØمي Ø·Ùلها.
وقد دهشنا عندما سمعنا أن قسما كبيرا من بومبي لم يتم الكش٠عنه إلى هذا اليوم. وقد Ùسر هذا التردد بعدد من الأسباب، الأول أنه لم تتوÙر ميزانية Øكومية كاÙية للØÙاظ على ما هو موجود، وثانيا أنه متروك للأجيال القدمة لأن تقوم بالكش٠عنه، وثالثا أن بعض الناس يتلاعبون بالواردات من أجور الدخول.
ÙˆÙÙŠ ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… التالي ذهبنا سياقة من بومبي جنوبا إلى شاطئ أمالÙÙŠ المرغوب، وربما يكون أجمل مساÙØ© على شاطئ البØر الأبيض المتوسط. وبيوت قراه المصÙÙˆÙØ©ØŒ مثل راÙيلو وبوسيتانو، تجذب الأغنياء والمشاهير ÙÙŠ العالم ÙÙŠ قمة موسم السياØØ©. واتخذ الكاتب الأمريكي المثير للجدل غور Ùيدال راÙيلو مسكنا له منذ سنوات عديدة، وبيته يق٠على قمة الجبل. وأيضا جون شتاينبك، وغريت غاربو، وآنيت إيكبيرغ، ÙˆÙريد ألستير، وهمÙري بوغارت وجاكلين كنيدي أوناسييس جعلوا من هذا الجزء من العالم Ù…Øلا صغيرا لاستجمامهم الخاص.
وتغدينا ÙÙŠ راÙيلو ÙÙŠ بيت امرأة ÙÙŠ الستينات من عمرها وقد تعرÙت بكثير من هؤلاء المشاهير وطبخت لهم. وهي تعر٠ببساطة بـ"ماما أغاثا" وهي تدير اليوم مدرسة طبخ إلى جانب مطعمها الذي يوÙر خدمة بالØجز Ùقط ÙÙŠ الÙيلا الخاصة بها والمطلة على شاطئ أمالÙÙŠ.
وقد كانت تعر٠بـ"أغاثا الصغيرة" عندما بدأت الطبخ ÙÙŠ سن 13 سنة لامرأة أمريكية ثرية مولعة بإعداد الØÙلات للزوار المشاهير. وهي تتذكر Ùريد ألستير الذي راقصها الÙالتز ÙÙŠ الØديقة بعد وجبة سباغيتي، ولم تستطع آنيت إيكبيرغ التوق٠عن أكل المعجنات مع الÙاصوليا، واكتÙت جاكي بصØÙ† من جبن المزريلا مع قطع من الطماطم.
ولكن بالرغم من شهرتها واختلاطها مع المشاهير، Ùماما لا تتØدث بكلمة من الانكليزية. وتدير بنتها، تشيارا، أعمال العائلة وتقوم بالترجمة ÙÙŠ مدرسة الطبخ.
وسألت ÙÙŠ آخر ليلة لنا ÙÙŠ نابولي عاملا ÙÙŠ الÙندق Ùيما إذا كان هناك Ùندق شعبي ÙÙŠ جوار الÙندق يوÙر طبخات نابولية، Ùكتب لي اسما وأشار إلى الاتجاه الصØÙŠØ. وكنا أربعة من Ù†Ùس المجموعة نتناول طعامنا الأخير.
كان المطعم صغيرا وجذابا، ولكنه كان مليئا بالسياØ. وربما يكون قد بدأ Ù…Øلا شعبيا للأكل ولكن تزايد رواد الÙنادق قد طرد الأهالي ÙتØول المطعم الشعبي إلى مطعم سياØ.
وكان النادل لطيÙا، والأكل جيد جدا، واستمر ÙÙŠ جلب "زيادات" Øيث امتد بنا الليل، وقد اعتبرنا ذلك دلالة طيبة، ولكن عندما استلمنا القائمة كانت الزيادات مسطرة بنظام دقيق والمجموع الكلي ضع٠ما توقعنا. ومع ذلك Ùإن الطعام والجو والنادل الطري٠قد جعلنا نعود سعداء.
ورأينا ونØÙ† نغادر المطعم "الزيادات" تقدم إلى مائدة أخرى من السياØ.
كما يقولون "اخط٠اللØظة".
(دومينيك وسوزان ميرل كاتبان سياØيان من مونتريال). |