طهران-عبد الصاØب الشاكري
لقد وجهت الدعوة إلى السياØØ© الإسلامية من قبل السيد رسول أكبري رئيس مؤسسة أقليم خراسان المشرÙØ© على إقامة معرض مشهد الدولي الثالث للسياØØ©ØŒ Ùانتهزت هذه الÙرصة لأقوم بزيارة للجمهورية الإسلامية ÙÙŠ إيران من 16/8 إلى 30/8 بعد أن كنت Ùد زرتها مرة منذ ما يقارب الأربعين سنة. وقبل الدخول ÙÙŠ التÙاصيل، أورد بعض الصور والمشاهدات التي تركت أثرا طيبا ÙÙŠ Ù†Ùسي:
· Ùلا بد من التنويه بأن إيران شاسعة، ومدنها متباعدة، ونتيجة لذلك Ùإن لكل مدينة تاريخها وآثارها التي تختل٠عن الأخرى. وكل مدينة لديها الكثير مما تÙتخر به ويميزها عن غيرها. ويكÙÙŠ أن نعطي مثالاً بسيطاً على ذلك هو صناعة السجاد التقليدي Øيث إن كل مدينة تتميز بنوع بارز من أنواع السجاد نقشاً ÙˆØياكة وألواناً وإلى غير ذلك. ويØمل السجاد اسم المدينة التي أنتجته، مثل السجاد الكاشاني والأصÙهاني والتبريزي والخراساني وغيره من أسماء المدن الإيرانية.
· هناك العديد من المراقد المقدسة والأضرØØ©ØŒ مثل مرقد الأمام الرضا (ع) ÙÙŠ مشهد، ومزارات ذرية أهل البيت، والأولياء الصالØين رضي الله عنهم أجمعين. وتكاد كل مدينة تزهو بأضرØتهم، وهي Ù…Øطات لملايين الزوار من داخل إيران وخارجها.
· هناك الآثار التي تمتد إلى أعماق التاريخ الإنساني، وهي تعود للإمبراطوريات التي Øكمت هذه الأرض ÙˆØيز كبير من الكرة الأرضية.
· وهناك الطبيعة الخلابة التي تتمثل بجبال إيران وغاباتها وشلالات مياهها الهادرة ما بين الصخور، بالإضاÙØ© إلى سهولها وأنهارها وسواØÙ„ البØار التي تطل عليها، مثل بØر قزوين والخليج والمØيط الهندي وغيرها مما يسر الناظرين ÙˆÙŠØ±ÙˆÙ‘Ø Ø¹Ù† النÙوس المتعبة. وقد ÙˆÙقت ÙÙŠ أخذ أكثر من 350 صورة للمناطق القليلة التي زرتها، وكل صورة منها تمثل موضوعاً كاملاً بØد ذاته إلا إن مليون صورة وصورة تعجز أن تعطي Øقيقة ما تتمتع به إيران من مواقع٠وÙرص٠سياØية.
بعد هذه المقدمة ساق٠عند بعض Ùقرات برنامجي الذي اتبعته ÙÙŠ رØلتي، وهي ÙÙŠ شكل Ù…Øطات أبدأها من وص٠معرض مشهد الدولي الثالث للسياØØ© الذي يقام سنويا ويØضره Øوالي مائة أل٠زائر.
معرض مشهد الدولي الثالث للسياØØ©
وصلت مطار مشهد قادماً من طهران وكانت الآنسة سعيدة الشريÙÙŠØŒ مع زميلة لها، ÙÙŠ استقبالي مندوبة عن المؤسسة المضيÙØ©ØŒ وهي إيرانية عربية الأصل من منطقة عبادان. اصطØبتني الشريÙÙŠ إلى Ùندق بارس الذي ضÙÙŠÙت Ùيه، وهو من Ùنادق الخمسة نجوم على المستوى الدولي. ÙÙŠ اليوم التالي أتت الأخت الشريÙÙŠ مع أخيها عبد الØسين الشريÙÙŠ واصطØباني إلى المعرض Øيث تمت إجراءات التسجيل وأطلعت على الموقع المخصص للسياØØ© الإسلامية ولم يكن Ùيه أي تجهيز، Ùبدأنا بالبØØ« عن كيÙية تجهيزه مع الأخوين الشريÙÙŠ وبمساعدة بعض المشرÙين والعاملين على الأجنØØ© الأخرى، وأخص منهم المهندس Øسين زماني. وتم تأجير الأثاث وتكوين Ø¬Ù†Ø§Ø Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الإسلامية على عجل ÙˆØ¨Ù†Ø¬Ø§Ø Ù†Ø³Ø¨ÙŠ.
بعد الاÙØªØªØ§Ø Ø¸Ù‡Ø±Øª الأجنØØ© بØلتها الجميلة، وتميز كل Ø¬Ù†Ø§Ø Ø¹Ù† الآخر Øسب تميز الأعمال والإمكانيات وأذواق أصØابها. وكان المعرض يضاهي مثيلاته من المعارض الدولية، ليس بØجمه، بل بتنوع أجنØته، ولو أن الطابع المØلي كان هو الغالب. وشاركت دول آسيا الوسطى مثل Ø£Ùغانستان وكازاخستان وقرقيزيا ودول الخليج: مثل الكويت والإمارات والبØرين والمملكة العربية السعودية، ودول Ø£Ùريقية، مثل تانزانيا.
تبدأ مواعيد المعرض من الخامسة إلى الØادية عشرة مساءً Øيث استقبل Ø¬Ù†Ø§Ø Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الإسلامية كثيرا من الشخصيات البارزة والزوار المتعطشين إلى المعرÙØ© وبالأخص الشابات منهم Øيث كان اهتمامهن وأسئلتهن Øول عالم السياØØ© Ù…ØÙ„ تعجبي وانبهاري. وكانت السيدة Ùاريبا Øاتم زاده من المؤسسة الداعية للمعرض خير مساعد للإعداد ÙÙŠ هذه الزيارة، وخلال مشاركتنا ÙÙŠ المعرض، Øيث رتبت زيارات الكثير من المسؤولين الإيرانيين للجناØ. وقد أبدى هؤلاء اهتماماً كبيراً بعملنا، ومنهم السيد Øسن رسولي، Ù…ØاÙظ أقليم خراسان، والسيد رسول أكبري، رئيس منظمة السياØØ© ÙÙŠ خراسان، والسيد جواهر زاده، مدير العلاقات ÙÙŠ المؤسسة. وتمت مناقشة إمكانية إصدار السياØØ© الإسلامية باللغتين العربية والÙارسية على غرار النسختين الإنكليزية والÙرنسية. ولقد تزامن مع Ùترة المعرض السياØÙŠ معرض Ùنون وألعاب الأطÙال مما أضÙÙ‰ روعة وزينة ÙˆØياة إلى ساØات المعرض ÙˆØدائقه.
إن معظم المشاركين ÙÙŠ المعرض بأجنØتهم الÙخمة هم من شركات متخصصة لنقل الزوار من أنØاء إيران ودول الخليج ودول Ù‚Ùقاسيا المجاورة والدول الآسيوية الأخرى، Øيث إن نشاطاتها الاقتصادية تتطلب إبراز قدراتها ÙÙŠ مثل هذه المعارض. وهناك قطاع الÙنادق الكبيرة الØائزة على النجوم العالية أيضاً والتي لها مواقع متميزة ÙÙŠ المعرض. وكل هذا يدل على أن مدينة مشهد هي عاصمة السياØØ© الدينية ÙÙŠ إيران.
وقبل التوجه إلى مدينة مشهد زرت مدينة قم وتوجهت إلى Ø¶Ø±ÙŠØ Ø§Ù„Ø³ÙŠØ¯Ø© Ùاطمة المعصومة، وهي أخت الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعÙر الصادق بن الإمام الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الØسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم جميعا)ØŒ Ùهالتني روعة البناء وسعة الأروقة والصØون المØيطة بالØرم.
مرقد الإمام الرضا (ع)
وللإمام الرضا ÙÙŠ مشهد مقام كبير يشمل Ø§Ù„Ø¶Ø±ÙŠØ ÙˆØ§Ù„Ù‚Ø¨Ø© المذهبة والأروقة الإØدى والعشرين وباØات الØرم الشري٠(المسماة أيضا بالصØون) التي تتجاوز العشرة والمتØ٠والمكتبة والمدارس الدينية والمساجد المØيطة بالØرم والتي تدار بواسطة مؤسسة كبيرة ومستقلة لا تقل عن أي مؤسسة كبيرة من مؤسسات الدولة. وهذا Ø§Ù„ØµØ±Ø Ø§Ù„Ø´Ø§Ù…Ø® الجميل هو Øصيلة 12 قرنا من المعمار الإيراني الإسلامي، وقد زين بأرقى أنواع الكاشي الإيراني المعرو٠بـ"الكاشي السنجري"ØŒ والقباب المطلية بالذهب.
إن هذه المساØات الشاسعة للأروقة والباØات التي تعد بعشرات الآلا٠من الأمتار المربعة لم تستوعب عدد الزوار ÙÙŠ داخلها. وقد تمكنت من زيارة الØرم مرتين، الأولى بعد الساعة العاشرة مساءً، والثانية بعد صلاة الظهر، ولم أتمكن من الوصول إلى شباك Ø§Ù„Ø¶Ø±ÙŠØ Ù„ÙƒØ«Ø±Ø© الزائرين المقبلين عليه Øيث إن المدينة ÙÙŠ Øركة دائمة نتيجة لتواÙد الزوار بمختل٠وسائل النقل جواً وبراً. ويقدر عدد الزوار يومياً بعشرات الآلاÙØŒ ولا بد لكل زائر أن ÙŠØجز أوقات مواعيد سÙره مقدماً قبل Ùترة ذهاباً وإياباً.
ومن المعالم البارزة لبعض أنماط الزوار هي ظاهرة الشباب المتزوجين الذين ÙŠÙدون للزيارة ولقضاء شهر العسل تبركاً بالمكان وتمتعاً بالأجواء المØيطة بمدينة مشهد ومناطق إقليم خراسان الأخرى.
المتØÙ
من المراÙÙ‚ الØيوية للØرم الشري٠هو متØ٠الØرم ومكتبته العامرة التي كانت أروقتها مزدØمة بالزوار والباØثين وقد استقبلت Ùيه خير استقبال وتم تبادل الآراء والأÙكار Øول التعاون ÙÙŠ Øقول تعري٠المواقع الإسلامية، كما أنني أهديتهم مجموعة إصدارات مجلة السياØØ© الإسلامية وكذلك بعض الكتب.
مدينة مشهد
خلال الÙترات الصباØية تجولت ÙÙŠ الأسواق المØيطة بالØرم والتي كانت تتناÙس ÙÙŠ عروضها لاستقطاب الزوار لتلبية مشترياتهم واØتياجاتهم من مسكن وطعام. ÙˆÙÙŠ يوم آخر تجولت ÙÙŠ منطقة أخرى Øيث الأسواق الØديثة الزاخرة بالمنتجات الإيرانية وللأس٠لم ÙŠØ³Ù…Ø Ù„ÙŠ الوقت لزيارة المواقع الأثرية والسياØية الترÙيهية والمصاي٠التي يؤمها الناس وهي كثيرة ÙÙŠ منطقة مشهد وعلى مقربة منها.
توسيع الأضرØØ©
ومن الملÙت للنظر هو Øركة البناء والتوسع ÙÙŠ هذه الأضرØØ© وغيرها من المزارات والمساجد. وهي مشاريع كبرى ضخ Ùيها الملايين من الأموال والإبداعات الÙنية والمعمارية مما يضع الكثير من الأسئلة: من أين أتت هذه الموارد؟ هل هي تبرعات Ø£Ùراد مؤمنين؟ هل هي مخصصات الدولة؟ وما الØاجة لهذه التوسعات؟ الجواب على ذلك يأتي عند زيارة هذه المراقد Øيث الإقبال الدائم من قبل الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية المØيطة بإيران، والبعيدة كذلك، لزيارة هذه العتبات ÙÙŠ المناسبات الدينية وغيرها من أيام السنة واختيار قضاء العطل ÙÙŠ ربوعها. وبالرغم من كل التوسعات المتواصلة Ùإنها لم تستوعب هذا الزخم من الزائرين المسلمين.
وباختصار، من الناØية الاقتصادية Ùهذه استثمارات ÙÙŠ Øقول السياØØ© الدينية المضمونة، Øيث إن كثيرا من الدول تستثمر وتØاول أن تنشئ لها سوقاً سياØياً إلا إن ذلك لم ÙŠØقق ما تØققه الاستثمارات ÙÙŠ المزارات الدينية ومدنها.
طهران
وبعد عودتي إلى طهران زرت شاه عبد العظيم، وهو السيد عبد العظيم الØسني بن عبد الله بن علي بن الØسن بن زيد بن الØسن بن علي بن أبي طالب (رض)ØŒ من أكابر المØدثين والعلماء ÙÙŠ القرن الثالث الهجري. ولÙتت نظري روعة البناء ÙˆÙخامته.
ÙˆÙÙŠ طهران أيضا زرت أسواق السجاد والتØÙيات والÙنون الأخرى التي كانت زاهرة بكل معنى الازدهار ويعجز قلمي عن وصÙها، Ùخير معر٠لها الصور المعبرة عنها.
المرأة الإيرانية الموشØØ© بالØجاب
من أبرز معالم المجتمع الإيراني التي يتوق٠عندها الزائر الأجنبي، خاصة الآتي من الغرب، هو منظر المرأة الإيرانية المØجبة الذي يشاهد ÙÙŠ كل ركن من أركان مدن إيران ÙˆÙÙŠ مراÙÙ‚ الØياة Ùيها، Øيث يبرز أكثر من 50% من الشعب، وهو المرأة، متوشØØ© باللباس الأسود، أي الØجاب، إلا أن هذا السواد تشع منه هذه الوجوه الناظرة التي تبرز معالم إنسانيتها ÙÙŠ مختل٠جوانب الØياة ÙÙŠ يومنا هذا بكل ثقة وإيمان. وقد تخلت المرأة الإيرانية من التبرج وإظهار Ù…Ùاتنها بدون Øدود، والتي كانت تستهلك جل طاقاتها الÙكرية والعملية ووقتها. ولا بد للسائل أن يتساءل أين توجهت هذه الطاقات ÙÙŠ المجتمعات النسوية الإيرانية؟ إنها لم تعد مخÙية، Ùقد برزت أمام عيني ومخيلتي Øيث وجدت أن طاقات المرأة تÙجرت وشعت ÙÙŠ الÙكر والعمل والبروز المميز ÙÙŠ كاÙØ© الأنشطة ومواقع العمل الإيرانية، وأصبØت مناÙسة للرجل ÙÙŠ كاÙØ© المجالات، وهذا جزء من طبيعة الإنسان الذي يصبو دائماً إلى التميز.
لقد Ø£Øدث منظر المرأة الإيرانية المØجبة التغيير Øتى ÙÙŠ شخصي بعد ما كنت أطأطأ رأسي عندما كنت أتكلم إلى المØجبة أصبØت اليوم مضطرا إلى مناقشتها كند لي بعد ما Ùرضت شخصيتها على Ù…Øيطها وعلى مستوى المسؤوليات التي تولتها، Ùمنهن مديرات للمؤسسات والأعمال، والعاملات ÙÙŠ كل المواقع الاقتصادية والصناعية، بالإضاÙØ© إلى انصراÙها إلى بيتها وتربية الأجيال القادمة. وهذا لا يعني بأي Øال من الأØوال بأنها تخلت عن زينتها ÙÙŠ Ù…Øيط المرأة وأÙراد عائلتها المقربين. والدليل على ذلك أن الأسواق الإيرانية تزخر بمØلات الصاغة والألبسة التي تساير الموضة ÙÙŠ العالم، Ùإذاً أعطت المرأة الإيرانية المØجبة كل وضع Øقه.
وويأتي تشجيع المرأة الإيرانية على الدخول ÙÙŠ مجال الأعمال، وهو الأمر الذي لاØظته بجلاء بعد غياب 40 سنة، ليكون عاملا إيجابيا ÙÙŠ الوقت الذي تعد Ùيه إيران العدة والبنية التØتية، وأهمها التوسع ÙÙŠ شبكات الطرق والسكك الØديدية والÙنادق وغيرها من مستلزمات السÙر والإقامة، لدخول أسواق السياØØ© العالمية بقوة ونجاØ.
|