العدد 9
الأمن السياØÙŠ
نعمتان مجهولتان، Ø§Ù„ØµØØ© والأمان. ÙØ£Ù…ا Ø§Ù„ØµØØ© ÙØ£Ù…رها ÙˆØ§Ø¶Ø ÙˆÙ…ØØ³ÙˆØ³ØŒ وأما الأمان Ùهو نعمة قد تخÙÙ‰ على الكثيرين ÙˆØªØØªØ§Ø¬ إلى رأي سديد لإدراك قيمتها. جاء ÙÙŠ Ù…ØÙƒÙ… الكتاب العزيز أن النبي إبراهيم (ع) لما خرج بزوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى البلد Ø§Ù„ØØ±Ø§Ù…ØŒ مكة المكرمة، دعا ربه، Ùقال: "رب اجعل هذا بلدا آمنا". وقد استجاب الله تعالى لدعوته Ùمنّ على هذا البلد بأعظم نعمة وهي الأمن، قال تعالى: "أو لم يروا أنا جعلنا ØØ±Ù…ا آمنا ويتخط٠الناس من ØÙˆÙ„هم". وقال تعالى مخاطبا قريش: "Ùليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوÙ". وقد وص٠الله تعالى المخلين بالأمن بأنهم Ù…ÙØ³Ø¯ÙˆÙ† ÙÙŠ الأرض ÙˆÙØ±Ø¶ عليهم أشد العقوبة. والكثير من الآيات الكريمة ÙˆØ£ØØ§Ø¯ÙŠØ« الرسول الكريم (ص) أكدت على موضوع أمن وأمان الناس.
ومما يتعلق بموضوعنا هنا أنه لا Ø³ÙŠØ§ØØ© بدون أمان. لقد أدركت ÙƒØ§ÙØ© ØÙƒÙˆÙ…ات العالم أهمية Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© لاقتصادياتها ودورها ÙÙŠ التعار٠بين الشعوب والتعري٠بالتراث الثقاÙÙŠØŒ ÙˆØØ§ÙˆÙ„ت Ø§Ù„Ø§Ø³ØªÙØ§Ø¯Ø© من ثرواتها ومقوماتها السياØÙŠØ© المتنوعة، وهي تقوم بتسويق ذلك للعالم. ولا تزدهر Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© بدون الشعور بالأمان من كل جوانبه، وليس Ùقط انعدام الأمن لأسباب سياسية أو تخريبية. ويعتبر الأمان أمرا رئيسيا ومادة أولية مهمة لصناعة Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ©. وتÙوق أهميته ÙÙŠ هذه الصناعة أهميته ÙÙŠ الصناعات الأخرى لأن Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© لا تنتعش ولا يقبل الناس على Ø§Ù„Ø³ÙØ± إلى بلد تنعدم Ùيه مقومات الأمن، Ùهذا يدخل ÙÙŠ باب الإلقاء Ø¨Ø§Ù„Ù†ÙØ³ ÙÙŠ التهلكة وهو ليس مسلك العقلاء.
والسؤال المØÙŠØ± هنا، هو هل أن ØØ§Ù„Ø© الÙوضى هي التي تؤدي إلى ازدهار قطاع المخلين بالأمن أم أن انعدام الأمن سببه وجود المخلين به؟ وطبعا تندرج ØªØØª هذا البند الجرائم Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙŠØ© والمنظمة ÙˆØØªÙ‰ سلوكيات بعض Ø§Ù„Ø£ÙØ±Ø§Ø¯ ÙÙŠ كثير من الأØÙŠØ§Ù† عندما تكون متشنجة ÙˆØ§Ø³ØªÙØ²Ø§Ø²ÙŠØ© ÙˆØªÙØªÙ‚د إلى ضبط Ø§Ù„Ù†ÙØ³. وهذه المشاكل لا تتوق٠عند مجتمعات بعينها، بل باتت منتشرة ØØªÙ‰ ÙÙŠ الدول التي تتمتع شعوبها Ø¨Ø§Ù„ØØ±ÙŠØ© والديمقراطية والضمان الإجتماعي من كل عوز، وهي تتجلى ÙÙŠ ظواهر السلب والسرقات والاعتداءات والغش والغبن وغيرها من Ø¢ÙØ§Øª العصر، بنسب Ù…ØªÙØ§ÙˆØªØ©.
نعم هناك الكثير الكثير من مسببات Ùقدان الأمن والأمان، ولا يمكن ØÙ„ هذه المشاكل بأسباب مادية، ÙˆÙ„ÙˆØØ§ÙˆÙ„ت أية دولة تركيز كل طاقاتها المادية والبشرية، من تكنولوجيا ÙˆØØ±Ø§Ø³ ومخبرين ووضعت مع كل ÙØ±Ø¯ ومجموعة سياØÙŠØ© ØØ±Ø§Ø³Ø§ لما تمكنت من ضمان Ø§Ù„Ø±Ø§ØØ© Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ© والطمأنينة لسواØÙ‡Ø§ وزوارها.
وهناك مشاكل تخلق ØØ§Ù„Ø© من الرعب وعدم Ø§Ù„Ø§Ø±ØªÙŠØ§ØØŒ مثل انعدام قوانين السير أو قلة الالتزام بها وما يجر إليه ذلك من مخاطر، وعدم وجود سلوك ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ ÙŠØ¹ØªÙ…Ø¯ انتظار كل شخص لدوره ÙÙŠ الص٠بدل المزاØÙ…Ø© ÙˆØ§Ù„ØªØ¯Ø§ÙØ¹ وما تتسبب عنه من Ùوضى وصراعات ÙØ±Ø¯ÙŠØ© وجماعية وربما أدى إلى تصادمات دموية. وهناك انعدام Ø§Ù„Ù†Ø¸Ø§ÙØ©ØŒ خصوصا ÙÙŠ الأماكن العامة وما يتسبب عنه من مضايقة Ù„Ù„Ø³ÙŠØ§Ø ÙØ¶Ù„ا عن أهل البلد.
ومصادر انعدام الأمن السياØÙŠ ÙƒØ«ÙŠØ±Ø©ØŒ وهي داخلية وخارجية، ØÙŠØ« إن Ø§Ù„Ø¥Ù†ÙØªØ§Ø على الخارج بالرغم من مميزاته إلا أنه لا بد أن يجلب معه بعض المخربين للأمن وذوي السلوكيات غير المقبولة لا أخلاقيا ولا إنسانيا وتتعارض مع قيم شعوب البلدان التي تستقبل هؤلاء الزوار.
إن معالجة أمراض الخلل التي ØªÙØªÙƒ بالأمن السياØÙŠ Ù„Ø§ تعالج بالعمليات والأدوية ÙˆØ§Ù„Ø¥Ø³Ø¹Ø§ÙØ§Øª بل بالوقاية منها. أليس الوقاية خير من العلاج؟ كي٠تقي الدول والشعوب Ù†ÙØ³Ù‡Ø§ من انعدام الأمن، والسياØÙŠ Ù…Ù†Ù‡ بشكل خاص؟ الجواب الشائع على مثل هذا التساؤل هو إلقاء اللوم على الØÙƒÙˆÙ…ات، ولكن هذا غير صØÙŠØØŒ لأن الدولة والØÙƒÙˆÙ…Ø© اطار Ùوقي، والمهم هو البنية الداخلية، Ùهناك دور للشعب ومنظماته ومؤسساته التي عليها أن ØªØªÙƒØ§ØªÙØŒ وتجب صيانة الأمن من داخل المجتمع، ثم تأتي الدولة التي يكون دورها تنطيمي ÙˆÙوقي. وقد برز ميل شديد ÙÙŠ الآونة الأخيرة لعقد المؤتمرات والندوات لمعالجة القضية الأمنية على الصعيد الرسمي، كما أننا تعودنا، خصوصا ÙÙŠ البلدان الإسلامية، على ترك الأمور للدولة لتنهج Ùيها نهجا ضاغطا بسبب عدم ØªÙˆÙØ± وسائل أجدى لديها وانعدام الرؤية السليمة لواقع المشكلة. وقد ÙØ§Ù‚Ù… ذلك من قضايا العن٠وضياع الأمن بدلا من ØÙ„ المشكلة. والقضية الأمنية أوسع من جانب Ø§Ù„Ø¹Ù†ÙØŒ وإن كان العن٠أبرز مظاهرها، ÙˆØªØØªØ§Ø¬ إلى ØÙ„ول جذرية ورؤية أعمق.
إن على الدولة سن القوانين والأنظمة Ù„Ø±ÙØ¹ مستوى شعبها معيشيا ÙˆØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ§ ليكون مؤهلا لاستقبال الزائرين ÙˆØ§Ù„Ø³ÙˆØ§Ø Ø§Ù„Ù‚Ø§Ø¯Ù…ÙŠÙ† من مناطق Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ© Ù…ØÙ„يا أو إقليميا أو عالميا ÙˆØ§Ù„ØªØØ§ÙˆØ± معهم. كما أن عليها نشر الوعي السياØÙŠ Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ Ø§Ù„Ù…Ù„ØªØ²Ù… بمختل٠الوسائل الإعلامية وعلى ÙƒØ§ÙØ© المستويات. وكذلك تكوين ودعم Ø§Ù„Ø¥ØªØØ§Ø¯Ø§Øª المهنية على مختل٠أنواعها وخاصة تلك التي لها مساس Ø¨Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© وتØÙ…يلها مسؤوليات التعري٠بالقوانين والنظم، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن لمنتسبيها.
ومن واجبات الدولة دعم وتعري٠المؤسسات والشركات واجباتها الأمنية تجاه العاملين والمتعاملين معها، والإهتمام بالبنية Ø§Ù„ØªØØªÙŠØ© ÙˆØ§Ù„Ù†Ø¸Ø§ÙØ© وأنظمة السير ونوعية وسائل التنقل داخل المدن وما بينها وبين الدول المجاورة، ومعاملة كل Ù…Ø³Ø§ÙØ± Ù…ØÙ„يا كان أو أقليميا أو غيرهما باعتباره Ø³Ø§Ø¦ØØ§.
كل هذه الجهات لا بد لها أن تستعين بالجهات الأمنية عند الضرورة ولا بد للجهات الأمنية التي تمثل النظام والمجتمع أن تكو Ù† على أعلى مستوى من المسؤولية القانونية والأخلاقية ÙÙŠ أداء مهام نشر Ø§Ù„Ù…ØØ§Ùظة على الأمن لدى ÙƒØ§ÙØ© طبقات الشعب ومؤسساته.
للتدليل على ما جاء اعلاه، نأتي ببعض الأمثلة المتبعة ÙÙŠ الخارج ÙÙŠ مشاركة المؤسسات والمجتمع ÙˆØ§Ù„Ø£ÙØ±Ø§Ø¯ ÙÙŠ الذود عن أمنهم وأمن الآخرين:
· تضع كثير من الدول مسؤولية نقل Ø§Ù„Ù…Ø³Ø§ÙØ±ÙŠÙ† على الجو على عاتق شركات الطيران Ù„Ù„ØØ¯ من تسرب الأشخاص غير المزودين بمستندات وتأشيرات Ø³ÙØ± نظامية مقبولة لدى الدول المتوجهين إليها ووضعت غرامات طائلة عليها لكل شخص Ù…Ø®Ø§Ù„ÙØŒ وربما أعدت هذه القوانين بالتعاون مع مؤسسة الآياتا التي تنظم وسائل النقل الجوي. لقد Ø®ÙÙØª هذه الإجراءات الضغط على قوى الأمن ÙÙŠ المطارات وجعلت ØØ±ÙƒØ© دخول الأجانب خال من أية مضايقة أو تأخير.
· Ø§ØªÙØ§Ù‚ الكثير من سكان المجمعات والشوارع السكنية على ØÙظ الأمن ÙÙŠ مناطقهم من خلال التطلع من Ù†ÙˆØ§ÙØ° سكناهم لمراقبة الدخلاء على Ø£ØÙŠØ§Ø¦Ù‡Ù… وذلك بعد وضع Ù„ÙˆØØ§Øª مكتوب عليها " الشارع مراقب" أو "ممنوع الدخول للغرباء". وأن هذه Ø§Ù„ØØ§Ù„Ø© جعلت الداخل لهذه المنطقة ÙÙŠ ØØ§Ù„Ø© من الريبة وإن لم يكن هناك من يراقب الطريق.
· ØØ±Ø§Ø³ العمارات السكنية والتجارية والمؤسسات قد أعدوا إعدادا علميا وزودوا بوسائل الاتصال اللازمة لطلب المساعدة ÙÙŠ ØÙظ الأمن ليس لواقع عملهم ÙØØ³Ø¨ بل ÙÙŠ المØÙŠØ· الذي يتواجدون Ùيه.
وليس كل من ÙŠØØ§Ùظ على الأمن يجب أن يستعمل القوة أو السلاØ. إن Ø§Ù„Ù…ØØ§Ùظة على الأمن والنظام يمكن أن يساهم Ùيها كل ÙØ±Ø¯ØŒ كبيرا كان أم صغيرا. لقد نشرت وسائل ØÙظ الأمن ØØªÙ‰ داخل البيوت، ÙØ¹Ù†Ø¯Ù…ا تشب معركة أو يعتدى على أي ÙØ±Ø¯ من Ø£ÙØ±Ø§Ø¯ الأسرة يمكن للطÙÙ„ أن يتصل بالشرطة، ويؤخذ النداء مأخذ الجد. وكثيرا ما أنقذت هذه النداءات ØÙŠØ§Ø© الآلا٠ممن كان يمكن أن يصبØÙˆØ§ Ø¶ØØ§ÙŠØ§ Ù„ØÙ…اقات ÙˆØÙˆØ§Ø¯Ø«. ورغم أن النداءات Ø§Ù„ÙØ§Ø´Ù„Ø© أو غير المهمة تعد أضعا٠النداءات المهمة التي لا تستوجب Ø§Ù„ØØ¶ÙˆØ± أو الإهتمام، ولكن هذا لا ÙŠØØ¯ من عزيمة أومسؤولية الساهرين على الأمن.
الخلاصة، لا بد للØÙƒÙˆÙ…ات أن تساعد الشعب ومؤسساته على المساهمة ÙÙŠ Ø§Ù„Ù…ØØ§Ùظة على أمنه وتضع ØªØØª تصرÙÙ‡ مراكز ØÙظ الأمن بأجهزتها وتلÙوناتها ورجالها المؤمنين بمهماتهم النبيلة ومستعدين لتلبية نداءات الØÙ…اية والإنقاذ والإسعاÙ.
ولكن المسؤولية تقع أيضا على عاتق الشعوب ممثلة Ø¨Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯Ø§Øª والغر٠المهنية والمنظمات ÙˆØ§Ù„Ø£ØØ²Ø§Ø¨ والمدارس والمساجد. كل هذه المؤسسات ينبغي أن يكون لها دورها ÙÙŠ خلق ØØ§Ù„Ø© من الأمن وتغيير السلبيات إلى ما هو Ø£ØØ³Ù†ØŒ مثل العناية Ø¨Ø§Ù„Ù†Ø¸Ø§ÙØ© ÙÙŠ الأماكن العامة وتعلم العادات Ø§Ù„ØØ³Ù†Ø© وعكس وجه ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ ÙŠÙ…Ø«Ù„ القيم الطيبة ÙÙŠ مجتمعاتنا، وتربية المواطن العادي على ØØ³Ù† Ø§Ù„ØªÙØ§Ù‡Ù… مع Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø ÙˆØªØ¨Ø§Ø¯Ù„ الخبرات Ø§Ù„Ù†Ø§ÙØ¹Ø© معهم وتØÙ‚يق Ø§Ù„ØªÙØ§Ù‡Ù… ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙˆØ§Ù„ØªÙ‚Ø§Ø±Ø¨ بين الشعوب.
وكلما يعم البلد الأمان والنظام كلما ازدهرت Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© وارتقت الشعوب ÙˆØ£ØªÙŠØ Ù„Ù‡Ø§ الإلتقاء والتقارب ÙˆØ§Ù„ØªÙØ§Ù‡Ù… بدل العزلة وسوء الÙهم ÙˆØ§Ù„ØªÙ†Ø§ÙØ± ÙˆØ§Ù„ØªÙ†Ø§ØØ±. وقد قال تعالى ÙÙŠ Ù…ØÙƒÙ… القرآن الكريم: "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارÙوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
والله ولي التوÙيق. |