آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة


العدد 7

هل سيصبح العراق قبلة السياحة العالمية؟

لقد تألم العالم لما حصل في العراق من قتل وتدمير وانهيار في البنى الاجتماعية والثقافية والأمنية والمعيشية والصحية وغيرها من البنى، وكان وقع ما أصاب العراق مختلفاً عند شعوب العالم وأفرادها باختلاف المصائب المكتشفة من العهد المباد أو مما حصل في عملية التغيير وما تبعه من فوضى وتخريب لحين كتابة هذه السطور.

واعتاد العالم أن يرى ويسمع عن المآسي الإنسانية بأشكالها وأنواعها في كل ركن من أركان المعمورة، ولكن لم يشاهد عصرنا هذا نهباً وتدميراً وحشياً للكنوز والآثار الإنسانية كما حصل في متاحف العراق مؤخراً، وحتى القصور الرئاسية التي بناها الطاغية كان تخريبها محل حزن وأسف من قبل الأستاذ جعفر الجعفري (الخبير في شؤون السياحة العالمية) حيث قال: "كان بالإمكان أن تكون هذه القصور مواقع سياحية تجذب ملايين السياح الى العراق".

أي ثمن خسر التراث العراقي والإنساني، هذا التراث الذي سخرت من أجل اكتشافه واستخراجه من مخابئه طاقات العلماء العراقيين والعالميين المختصين بالآثار وصرفت الأموال الطائلة لأجل ذلك عبر قرنين من الزمن على أقل تقدير. فهل يقعد العراق ليندب على ما جرى ويقيم المآتم؟ أم ينهض من كبوته ويبدأ في تقويم مقوماته الحضارية ومنها متاحفه ومواقعه الأثرية، وكافة مواقعه ومرافقه الدينية والسياحية التي يزخر به؟ وندرج أبرزها ولا نقول أهمها، حيث أن كلا منها مهم، وحتى جزئياتها، فالعراق موطن الديانات الكثيرة، ولكل ديانة معابدها وآثارها التي تعتز بها، فبالإضافة إلى مزارات أنبياء اليهود والمسيحيين وكنائسهم التاريخية المهمة، هناك معابد ومزارات للصابئة واليزيدية وغيرها من الطوائف والديانات. وهذه المعابد والمزارات موزعة على كافة أنحاء العراق، من الشمال إلى الجنوب.

 

العراق مهد الحضارات   

-         أور: أول مدينة حضارية اكتشفت ويعود تاريخها إلى الألف الخامس قبل الميلاد وتقع قرب مدينة الناصرية.

-         بابل وتقع قرب مدينة الحلة.

-         نينوى ونمرود وتقعان قرب مدينة الموصل

-         الحضر وتقع على بعد 115 كلم جنوب غربي الموصل.

-         عقرقوف وطاق كسرى وتقعان قرب بغداد.

 

أضرحة الأئمة ومزارات وقبور الأولياء

-         ضريح الإمام علي ابن أبي طالب (ع) في النجف.

-         ضريحا الإمام الحسين وأخيه العباس رضي الله عنهما في كربلاء.

-         ضريحا الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهم السلام (رض) في الكاظمية قرب بغداد.

-         ضريحا الإمامين علي الهادي Ùˆ الحسن العسكري وغيبة ولده القائم (رض) في سامراء.

-         ضريح الإمام أبو حنيفة النعمان (رض) في بغداد.

-         ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله في بغداد.

-         ضريح الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رض) عنه قرب بغداد.

وهناك الكثير من المقامات والمزارات للأولياء والعلماء والمتقين المسلمين.

 

مزارات الأنبياء عبر التاريخ

1- دارت في العراق الكثير من روايات الكتب الكقدسة، ففي العراق عاش نوح (ع)، وفيه جرت قصة الطوفان، ومنه كانت رحلة إبراهيم (ع) إلى الديار المقدسة.

2- يوجد ضريحان يقال أنها للنبي آدم والنبي نوح (ع) في وادي السلام بالنجف الأشرف، وضريحان يقال أنهما للنبي هود والنبي صالح (ع) في الروضة الحيدرية (مدفن الإمام علي).

3-مقام النبي ذي الكفل (ع) في الحلة.

4-مقاما النبي يونس والنبي شيت (ع) في الموصل.

5-مقام النبي عزير(ع)  في العمارة.

 

وقفة في مدينة:

إن كل مدينة من المدن المذكورة أعلاه وضواحيها هي وحدة سياحية قائمة بذاتها ولو أخذنا مدينة النجف على سبيل المثال والمرافق الدينية السياحية التي فيها أو حولها لوجدنا أن هناك العشرات منها وندرج أهمها:

1.     ضريح الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام.

2.     مكتبة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (أسسها الشيخ الأميني)ØŒ وهناك عشرات المكتبات العامة والشخصية.

3.     المساجد العريقة في التاريخ والتي كانت مراكز تدريس الحوزات الدينية عبر التاريخ مثل مسجد الهندي ومسجد الطوسي.

4.     مسجد السهلة ومسجد الحنانة ما بين  النجف والكوفة.

5.     مسجد الكوفة وفي داخله مقام ومنبر الإمام علي ابن أبي طالب (ع) وكذلك مقاما الشهيدين مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ومرسى سفينة نوح عليه السلام.

6.     بيت الإمارة.

7.     مواقع النزهة والترويح، بحيرة النجف، ضفاف نهر الفرات وبساتين النخيل التي تزخر على ضفافه، وغيرها من المناظر الخلابة. 

8.     مقابر النجف بالإمكان أن تكون أهم مزار بعد ضريح الإمام لو نظمت الزيارات لمواقعها وذلك لضخامتها وتاريخها.

9.     الاكتشافات الأخيرة المرعبة للمقابر الجماعية خلال الحكم المباد بالإمكان أن يعاد دفن ضحاياها في مواقعها على شكل مقابر فردية منسقة يحمل كل قبر اسم وتاريخ وغيرها من المعلومات المتوفرة عن صاحبه، لتكون مزاراً تتذكره الأجيال حيث أنهم شهداء العقيدة والحرية.

 

توصيات واقتراحات:

لقد شاهدت الكثير من المقابر في العالم مثل مقبرة النورمندي على السواحل الفرنسية لضحايا تحرير أوربا من النازية، ومقابر روما عاصمة إيطاليا ذات الطوابق تحت الأرض وغيرها من المقابر الجميلة الموشومة بالأشجار والزهور فهي تعتبر أيضا معلمة  من معالم المدن السياحية وذلك خلال سفراتي السياحية حيث الآلاف الزوار يزورونها ضمن البرامج المعدة لزيارة تلك المناطق، ويوضح تاريخها والمعلومات عنها بواسطة الدليل السياحي المرافق والكتيبات السياحية، كما تعرف المعالم السياحية الأخرى.

لكل ما جاء أعلاه يتصدر السؤال المهم والكبير التالي:

هل أن العراق حقاً سينعم بالحرية والديمقراطية؟ وهل ستكون حدوده مفتوحة لزوار الدول المجاورة وسياح العالم؟ ولا شك إن أهل البلاد هم المدعوون أولا للقيام بنهضتها السياحية مع توفر فرص الاستثمار الخارجي النافع لهم .

 

ما هي متطلبات هذه النهضة؟

أدرج أدناه بعض النقاط لعلها تحرك سواكن النفوس الخيرة:

1- حملة جهادية وطنية شعبية تشمل كافة المدن والطرق والأزقة، لنفض الغبار الذي علق بها نتيجة العهود الماضية وما جرى من تسيب، بسبب التغيير الذي حصل مؤخرا، على أن يساهم فيها كل فرد من أفراد الشعب العراقي من مؤسسات ودوائر حكومية ومراجع دينية وشركات ومدارس وكليات وأصحاب محلات وسكان الأحياء، ولنطلق على هذه الحملة اسم (الجهاد السياحي) لكي تزهو مدننا بالنظافة والجمال لتسر عيون ساكنيها وزوارها.

2- الاهتمام بكل زاوية من زوايا المواقع التي يمكن أن تصبح مواقع زيارات، أو مواقع سياحية، واستخراج الكنوز المختفية ونقلها إلى مواقع مخصصة أمينة على غرار مباني متاحف الكنوز الأثرية التي لا تقدر بثمن، مثل خزائن الأئمة الموجودة والتعريف بما آلت إليه وما فقد منه.

أن يجود المواطنون بما لديهم من تحف وكتب للتبرع بها إلى المتاحف والمكتبات لجمع التراث وذلك باعتبارها مساهمة في الجهاد السياحي أو التبرع بالأموال لشرائها أو لغرض بناء البنى السياحية في العراق، وبذلك نكون قد حققنا بعض ما جاء في الآيات القرآنية وأقوال الرسول الأعظم (ص) عن الجهاد، ولتأخذ أمتنا المكانة اللائقة بها ما بين الأمم.

3- على العراقيين الذين انتشروا في بلدان المهجر أن يكونوا سفراء سياحيين لبلادهم ليعرفوها لشعوب العالم ويتوجهوا مع من يهبون لزيارة العراق ويمكن أن يؤسس في كل دولة وكل مدينة كبيرة فيها مكتب سياحي متخصص لجلب الزوار والسواح إلى العراق والدول المجاورة له.

4- توجيه استثمارات الدولة ورؤوس الأموال الخاصة نحو الاستثمار السياحي، من بنى تحتية، ومشاريع سياحية، من فنادق ومؤسسات نقل سياحية، ومنتزهات سياحية، وملاعب أطفال، وتفضيل الاستثمارات السياحية على الاستثمارات الأخرى.

5- الاهتمام بالنهضة الفنية السياحية من مسارح واحتفالات شعرية وأدبية وثقافية وفنون وصناعة تقليدية وكل ما يخدم السياحة ويعطي الانطباع بأن مولد العراق الجديد هو مولد السياحة الخيرة والرائدة في العالم .

6- على النخب الخيرة من ذوي الكفاءات والمتبوئة الصدارة في المجتمع، وكل فرد من أفراد الشعب العراقي، العمل لإعادة القيم الخيرة التي كان العراقيون يتميزون بها، من حب الزوار والضيوف والكرم والصدق في التعامل والأمانة والأمان التي فقدها البعض نتيجة للظروف المأساوية التي مر بها مما أساء إلى سمعة العراق والعراقيين، ومحاربة كل ما يسيء إلى النهضة السياحية الخيرة التي ينشدها العراق الجديد.

7- لابد من أن تكون النهضة السياحية العراقية متميزة عن جميع الدول بالتقيد بقيمنا الإسلامية والعراقية، وأن ينعكس ذلك في كافة مرافقنا السياحة، من الفنادق والمطاعم والمسارح ودور اللهو وغيرها. ويجب إن لا نسير في دهاليز المفاهيم السياحية التي سادت العالم. وتحقيق ذلك يتطلب تأسيس غرفة سياحية في كل محافظة.

8- التوجه الى وسائل الإعلام المحلي والعربي والدولي للتعريف بالمعالم السياحية والتطورات التي تحدث نتيجة لهذه النهضة.

وأخيرا لابد للقارئ من أن يعلم أن رقم التداول الاقتصادي الأول في العالم هو السياحة وليس النفط، فليكن العراق قبلة السياحة العالمية ليحوز بالرقم الأول فيها.         

 

والله ولي التوفيق

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.