آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة


العدد 58

أين البلدان الإسلامية من السياحة الثقافية

السياحة أنواع كثيرة ومن أهمها السياحة الثقافية وتنقسم إلى قسمين: السياحة الثقافية المادية، وهي كل الأسفار والزيارات التي تستهدف المزارات والمواقع وكل المعالم الأثرية والتاريخية الملموسة والمرئية سواء كانت داخل المدن أو خارجها، وكذا كل الزيارات الخاصة بالمتاحف المغطاة منها أو الموجودة في الهواء الطلق وما تحتويه من تحف ونوادر تجمعها مواصفات خاصة، أضف إلى ذلك كل الزيارات التي تعرفنا على الصناعات التقليدية المحلية ومشتقاتها للبلد المضيف. أما القسم الثاني من السياحة الثقافية فيتعلق بالثقافة الأدبية والروحية التي تتمثل في العادات والتقاليد والفنون السبع المعروفة المعبرة، وكل وسائل العيش الخاصة بالبلد المزار المتعلقة بالغذاء والشراب والكساء، والعبادات والمراسيم الدينية والوطنية والمهرجانات والمعارض والندوات المحلية، وطريقة الخدمات المسدية للسياح، أو أي شكل من أشكال التعبير الإنساني الخاصة بذلك البلد المستقبل للزوار.

ومن مميزات السياحة الثقافية أنها تأخذ لون الوعاء الذي توجد فيه بمعنى أن الأهرام في مصر مثلا تبقى مميزة عن غيرها من كل بلدان العالم، وأن المسجد الأعظم في مدينة الكوفة لا يشترك مع غيره من المساجد في المميزات الخاصة به. وبمعنى آخر أن السياحة الثقافية هي الصورة التي لا تتشابه أو تتكرر في البلدان المختلفة.

ومن البديهي أن تساهم السياحة الثقافية في الإنماء ليس الإقتصادي فقط، بل الروحي والإجتماعي والحضاري والتواصلي، وتعد كذلك من وسائل ودعائم السلام العالمي إن أحسن استعمالها، ولكي تبلغ هذه الأهداف يلزمها خدمات ذات جودة عالية تصب في الأهداف الإنسانية قبل المادية، وحتى يتأتى ذلك لابد من تكوين وتدريب وتوفير مجموعة من الأطر المهنية شريطة أن تغطي نسبة الشباب فيها أكثر من 80% وهي التي يمكنها أن تنشط السياحة الثقافية في كل المجالات لكي تحقق التنمية الشاملة لهذا أو لذاك البلد. أضف إلى ما سبق: خلق التظاهرات وبرمجتها مثل تنظيم دوريات رياضية من مراتونات وسباقات . . ومهراجانات ثقافية وفنية، وتشجيع المجالات المسرحية والفنية والموسيقية بإدماجها في هذه المهرجانات، والكل يعلم أن المنشط الرئيسي القادر على جلب الزوار إلى أي مهرجان هي المجموعات الموسيقية الروحية منها أوالعادية وهي التي لها علاقة مباشرة بالتنشيط السياحي. بشرط أن تراعي تقاليد البلد المنظم. كما يجب أن نعرف بالثروات التاريخية، وعرض المنتوج السياحي الثقافي وترويجه عبر كل الوسائل الإعلامية لاستقطاب شرائح متعددة من السياح، وتسهيل شروط الزيارات، وما يصاحبها من تخفيض في أسعار وسائل النقل والفنادق والمطاعم وكل البنيات التحتية وتوفيرها عبر تشجيع الإستثمار في هذا الشأن. هذا ما يجب فعله في داخل البلد المضيف. أما خارجه فيجب أن ننشأ الأندية والمراكز الثقافية في البلدان الشقيقة والصديقة لأنها ستكون الممثل الشرعي والمنطقي للسياحة الثقافية في الخارج، وستتقمص مرآة البلد بتقديمها لعروض ونشاطات في عين المكان تحفز السياح الأجانب لزيارة البلد. ولا يجب أن ننسى الإعتناء بالمعمار التراثي والمواقع الأثرية بترميمها وإصلاحها وإنارتها، و المحافظة على طابعها الأصيل، والترويج لها عبر الإشهار والندوات والدراسات والتنشيط.

ويبقى أن نتساءل بكل موضوعية ورزانة ونكران الذات، أين البلدان الإسلامية من الثقافة السياحية المبرمجة وفق آخر ما وصلت إليه علوم بلورة السياحة في العالم، علما أن ما أنجز عبر القرون من أعمال وإنجازات الفنون الإسلامية في العالم كثيرة ومتنوعة جدا، زد على ذلك تقاليد وعادات وطقوس الإسلام التي تعد من أنبل الأخلاقيات الإنسانية (شريطة تشبثها بتعاليم القرآن السمحة وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم). فهلا أعطيتم أيها المسلمون للسياحة الثقافية ما تستحقه من اعتناء وتعريف و تفعيل، فإنها الصدقة الجارية التي تركها الأجداد لنا بفضل الله عز وجل للبشرية جمعاء تحت مظلة كتابه العزيز لكي تستفيد منها كل الأجيال الإنسانية. متمنياتنا لكم أن تعيدوا النظر السديد في هذا الشأن.

والله ولي التوفيق

 

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.