آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة


العدد 30

المعارض المحلية والدولية - سياحة، علمٌ ، عمل

لي تاريخٌ طويل في المشاركة في المعارض المتخصصة، وخاصة الأوروبية منها، وهي دولية في أحجامها ومشاركة العارضين فيها والزائرين لها. وقد زرت أكثر من مائة معرض خلال الخمسين سنة الماضية، وكان آخرها هو معرض الملتقى المنعقد في دبي من 1-4 /05/2007. وكنت قد كتبت مقالاً سابقا بعنوان "من سوق عكاظ إلى المعارض الدولية" ونشر في مجلة الحذاء التي كنت أصدرها سنة 1984ØŒ أي قبل ما يقارب أربع وعشرين سنة، واليوم يشهد العالم ثورة إقامة المعارض بكل أبعادها.  
لقد أصبح قطاع إقامة المعارض صناعة بحد ذاتها فهناك منظمة دولية تهتم بشأنها، وهناك أجهزة خاصة بها وعدد من برامج معلوماتية
تقوم بتسيير أعمالها، وهناك البحوث والدراسات المتواصلة لتجديد أساليب التسويق والتمويل وغيرها من مكوّنات إدارة المعارض.
نعم إن المشاركة في المعارض أو زيارتها توفر لكل إنسان عشرات المزايا، أذكر منها ثلاث، وهي: السياحة، والعلم، والعمل، فهذه هي الأبواب التي تكوّن وتبلور شخصية الإنسان وسلوكه في الحياة وأدائه في العمل، ومهما استثمر
الإنسان من جهد ومال في هذا القطاع فسوف يجني مردوده عاجلا أو آجلا .
لابد لزوار المعارض أن تكون لهم علاقة عمل أو بحث عن العلم والمعرفة بآفاقها، والسياحة هي ناتج مهم من نتائج وفوائد المشاركة.
إن تحليل المعارض، وتخصصاتها، والبلدان التي تعقد فيها، وأحجامها، وتاريخها، وتعدد المنافسة في قطاعاتها، أمور مهمة للعارض أو الزائر لها. ولابد من الإشارة إلى إمكانية الفشل أثناء المشاركة فيها، وحتى زيارتها على المستوى الفردي، خاصة بالنسبة لذوي الموارد المحدودة. وفي الوقت الذي أدعو فيه وأشجّع على المساهمة أو زيارة المعارض لكل من له صلة بقطاعاتها، فإنّي أحذّر من الانجراف في
المجازفة في الاستثمار وعقد الآمال الكبيرة على نتائجها بالرغم من الفوائد والتجارب والمعرفة التي سوف يحصل عليها سواء في حالة النجاح أو في حالة الفشل المادي.
السياحة

·       إن المتوجهين إلى المعارض يأتون من كل حدب وصوب من المدن الوطنية أو الدول القريبة، أو من باقي أنحاء العالم. وفي حالة المعارض الدولية العملاقة، هناك عدة فعاليات سياحية يمكن للمشارك فيها أو لزائرها الاستفادة منها. وكمثال على ذلك:
·       يوفّر التجوّل خلال المعرض فرصة التعارف مع ناس من مختلف أركان المعمورة.  

·       عادة ما تقوم الشركات المنظمة بتنظيم اجتماعات وحفلات وحتى سفرات داخل وخارج المدينة التي يقام فيها المعرض.
·       التجول الاختياري في الأسواق أو المعالم السياحية في المدينة التي يزورها المعني، ويمكن كذلك أن يلتحق بسفرات سياحية في مناطق مختلفة من البلد المحتضن لهذا المعرض.

·       الاهتمام والضيافة التي يبديهما البلد والمؤسسات المهتمة والمتخصصة هما أيضا تعدان سياحة كريمة لرواد هذه المعارض.
العلم
·      
يكتسب الزائر الكثير من العلم والمعرفة عند مشاركتة أو زيارته لأي معرض، وخاصة إذا كان عاملاً أو دارساً أو مهتماً بذلك القطاع أو القطاعات ذات العلاقة بقطاع عمله. وتزداد الفائدة العلمية والمعرفية بتكرار الزيارات عبر السنين، لنفس المعرض أو المعارض المثيلة له.
·       إن الاستفادة
تأتي من تطور العلوم والتكنولوجيا وتغير أنواع المعروضات من سنة إلى أخرى مما يعطي الزائر القدرة على متابعة هذه التطورات السريعة ويمكّنه من اتخاذ القرارات الصائبة لعمله ومستقبله.
·       من طبيعة المشاركين بمنتوجاتهم وخبراتهم أنهم يعملون جاهدين في شرح مزايا ما يقدمونه ولا يوجد احتكار لأي معلومات
علمية يبخلون بها على السائل أو المهتم.
العمل

لابد أن تكون للأعمال مردودية مادية، مثل بيع أو شراء منتوجات أو مواد أو أعمال أوخدمات تؤدى. وفي المعارض الكثير والكثير من الفرص التي تحقق نتائج لايمكن تحقيقها بغيرها وعلى سبيل المثال:
·       ايجاد المنتوجات
المطلوبة بأفضل المواصفات والأسعار حيث المنافسة العالمية والبدائل تزداد يوماً بعد يوم في كل منتوج.
·       التعرّف على منتوجات
وأعمال جديدة تعرض حال إنتاجها وإعدادها.
·       التعرّف على فرص جديدة وتمكين المشاهدين والزوار من تكوين أفكار وابداعات إنتاجية
أو فرص تطوير وتوسيع منتجاتهم كمّا ونوعا.
·       تعريف وتسويق منتوجاتهم بشكل مباشر أو بواسطة سلسلة توزيع وتسويق تبدأ من التصميم والانتاج وقطاعات التوزيع والبيع المتدرجة، مثل وكلاء الدول والبيع بالجملة والتقسيط، وغيرها من قطاعات العمل التي توصل المنتوجات والخدمات إلى المستهلك لسد حاجاته أو حتى ترغيبه للإقبال عليها عن طريق تحفيز الرغبات التي تشبع ذاته وأحلامه وحتى أوهامه.

·       إن المعارض هي المنتدى الذي يجمع فاعلي القطاع والعاملين فيه، وليس صالحاً لتصريف المنتوجات على المستهلكين وقطاع المفرّق.
·       من أجل الحصول على النتائج أو الفوائد المرجوة، يجب الاستعداد الجيد لزيارة أي معرض. إن نتائج وفوائد المشاركة في المعرض لا يتححقان خلال أيام المعرض، بل من خلال الاستمرارية والعمل المتواصل بعد المعرض وذلك حتى تتم الاستفادة من كل ما تم التباحث فيه مع الأطراف التي تم اللقاء معها.
·       إن قطاع المعارض يلعب دوراً كبيراً في نمو الاقتصاد العالمي، ولولاه لما انتشرت التجارة والصناعة بين الدول، وهو الأداة الأولى للعولمة والتقارب فيما بين الأمم.
موجز تحليلي لمعرض الملتقى في دبي
إن المعرض لم يعد معرضا سياحياً فحسب،
بل دخلت فيه عناصر جديده وتخللته نشاطات أخرى لم تكن محسوبةً على السياحة، وهي:
السياحة العلاجية
لقد ركّز كثير من الدول، مثل ألمانيا والنمسا والتشيك وغيرها، على تعريف وتسويق مراكزها الاستشفائية والعلاجية. وشارك في المعرض متخصصون بدرجة أستاذ في الطب (بروفسور)، وعقدت ندوات للسياحة العلاجية. وللمزيد من الاستفادة يمكن مراجعة مقالي المنشور في العدد 5 من هذه المجلة سنة 2003 تحت عنوان "السياحة العلاجية" والذي سبق لي أن أشرت فيه لأهمية
هذا النوع من السياحة، حتى أن هذا المصطلح دخل مجال التداول عند التعريف بهذا الحقل في عوالم الطب والسياحة.
المدن والقرى السياحية
ومن النشاطات الفاعلة في المعرض إنشاء المدن والقرى السياحية، التي تبلور فيها ما جاء في مقالي في العدد الواحد والعشرين بداية سنة 2006 بعنوان "سياحة الإقامة أو الإقامة السياحية" الذي جسّم هذا القطاع الواعد وطرح آفاقه، وبدأت الشركات الكبرى تعرض العديد من تصاميم هيكلة القرى والأحياء بأجمل صورها ومتطلبات السكن والعيش فيها إلى درجة أنه تجاوزت قيمة الوحدة السكنية فيها المليون درهم إماراتي أو أضعافه، وهذا ما وجدته في هذا المعرض الذي احتضنته دبي الواقعة
في وسط منطقة غنية بمواردها.
سياحة الفضاء
ومن عجائب المعرض أن شركة فرجن البريطانية المعروفة، التي تعمل في مجال النقل السككي والجوي، بدأت في تسويق سياحة الفضاء من خلال مساهمتها في هذا المعرض بجناح كبير ومؤتمر صحفي، وما أغلى هذه السياحة!

سياحة التسوّق
لقد كانت دبي الرائدة في سياحة التسوق، وتبعتها دول كثيرة في هذا المضمار أو الاتجاه، حيث تعد دبي سوقا من أغنى أسواق العالم، وحيث أن تجارة منتوجات الذهب والمجوهرات والحاجات الأخرى، من ملبس واحتياجات السكن هي من أفضل الأنواع والعلامات التجارية، ولا تقل عن ذلك المنتوجات الاقتصادية الشعبية لذوي الدخل الأدنى التي تشمل كل حاجيات الإنسان التي تتوفر فيها عناصر الجمال والجودة ورخص الثمن، وخاصة المنتوجات
الصينية التي تتجسم في سوقها المسمّى التنين (دراكون) والذي تجسد سلسلة قاعاته هذا الحيوان الأسطوري.
ووفقا لما جاء في الفقرات أعلاه، ترى أن المشاركين في المعرض قد  ØªØ¬Ø§ÙˆØ²ÙˆØ§ تسويق  Ø§Ù„سياحة التقليدية التي يكون فيها مردود القيمة المضافة ضئيلا لكل فرد سائح، والذي لا يتجاوز كلف الإقامة أو السفر، وبمئات الدراهم، بل أخذوا يبحثون عن سياحة مربحة، وهي تتمثل في السياحة العلاجية وسياحة أقتناء المساكن وسياحة التسوّق، وهذه من أغلى أهداف كل إنسان،
لكونها مرتبطة بصحتة وراحته ورفاهيته.
لقد تعددت أنواع المنتوجات والمشاريع المعروضة،
بحيث أخذت تولد معارض جديدة باسماء جديدة لقطاعات جديدة.
للمزيد من المعرفة والمتابعة لتطور آفاق السياحة المتجددة اطلبوا كتابي المعنون "آفاق السياحة" الذي يحتوي على العشرات من المقالات المنشورة في مجلة السياحة الإسلامية والذي يعتبر مرجعا مهماً لكل من يعمل في حقول السياحة ومجالي التكوين و
التعليم.
والله ولي التوفيق.

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.