العدد 21
سياØØ© الإقامة أو الإقامة السياØية
هناك ظواهر تمر من دون أن تثير الاهتمام، Ùتذهب إيجابياتها وسلبياتها، ولو جرى التنبه لها Ù„Øصل من ذلك خير كثير. وهناك ظاهرة أثارت انتباهي ولÙت نظري إليها رسالة وصلتني من الأستاذ جمال Ù…Øمود نجيب الذي ØÙزني على كتابة مقالي هذا، ونص الرسالة منشور ÙÙŠ صÙØØ© بريد القراء على موقعنا الألكتروني:
www.islamictourism.com
لقد اكتشÙت أسبانيا ظاهرة كثرة Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠÙ† يطلبون إقامات طويلة، ومنهم من أخذ يشتري بيتاً أو شقة ÙÙŠ مواقع سياØية مختلÙØ© ليسكنها ÙÙŠ زياراته المتقطعة خلال السنة. وقد التقطت هذه الظاهرة من قبل المعنيين بتنشيط السياØØ© وأخذوا يشبعونها بØثاً وبرمجة وتسويقا Øتى أصبØت من أهم أبواب السياØØ© ÙÙŠ أسبانيا. وقبل اكتشا٠هذه الظاهرة كانت القرى السياØية الجميلة تبنى على السواØÙ„ والتلال المشرÙØ© على البØر وعلى المواقع الأخرى الجذابة التي تشد Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø¥Ù„ÙŠÙ‡Ø§. وكانت بيوت هذه القرى تزدØÙ… خلال الصي٠أو المواسم التي لا تتعدى بضعة أشهر ÙÙŠ السنة وتبقى خالية ÙÙŠ معظم أوقات السنة. ونتيجة لوضع البرامج الخمسية لتطوير السياØØ©ØŒ ومنها سياØØ© الإقامة وتنمية ØÙ„ الاختناقات التي تواجهها، باتت هذه القرى مشغولة طوال السنة، وبدرجات متÙاوتة.
وقد أخذت قطاعات البناء السياØÙŠ تبØØ« عن Ø£Ùضل الأراضي لتقيم مجمعات سكنية سياØية خاصة برواد سياØØ© الإقامة المقبلين على أسبانيا. وأصبØت هذه المنازل والشقق استثمارا وذخرا لمØدودي الدخل الذين قضوا العمر ÙÙŠ الوظيÙØ© والعمل ÙÙŠ بلدانهم، وخاصة من شمال أوروبا وإنكلترا وغيرها.
وظاهرة البناء لم تقتصر على أسبانيا بل هناك الكثير من الدول التي بدأت Ùيها مشاريع إنشاء القرى السياØية، خاصة على سواØÙ„ البØار، لترغيب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ù…Øليين والدوليين للتمتع بها خلال عطلهم الصيÙية، إلا أنها منقوصة ÙˆÙوائدها Ù…Øدودة والمناÙسة لها كبيرة Ù…Øليا وعالميا. ولا تشجع هذه المØاولات على خلق ثورة سياØية ÙÙŠ أي من هذه البلدان Øيث يعوزها تعيين الأهدا٠الكبيرة لها والتخطيط على أعلى المستويات لتأمين متطلبات إنجاØها.
وقبل الخوض ÙÙŠ رسم الأهدا٠ووضع الخطط لنرى من هم رواد سياØØ© الإقامة؟ وأين مواقعها؟
سياØØ© الإقامة لمن؟
أولا: إنها لمن بلغوا الأربعين سنة من العمر وما زاد على ذلك Øيث إنهم Øققوا بعض الإنجازات خلال رØلة عمرهم وتمكنوا من إدخار بعض المال.
ثانيا: للذين أتعبتهم الØياة ويودون أن يأخذوا قسطا من الراØØ© والاستجمام بين Ùترة وأخرى.
ثالثا: للذين لهم عوائل وأولاد ربما صغار السن ÙŠØتاجون إلى الراØØ© والاستجمام ÙÙŠ أماكن آمنة ومعروÙØ© يرغبونها.
رابعا: للذين أتعبتهم الØياة ÙÙŠ بلدانهم بسبب الظرو٠المناخية أو البيئية أو Øب التغيير أو أي سبب آخر.
خامسا: للذين يؤمنون بالقضايا الروØية ويودون الإقامة قرب الأماكن المقدسة ÙÙŠ مكة المكرمة والمدينة المنورة ومراقد أهل بيت النبوة والأولياء الصالØين ليعيشوا Ùترات من الزهد والإيمان ÙÙŠ جوارها.
سادسا: للذين لديهم سبب من الأسباب أعلاه يضا٠إلى رغبتهم ÙÙŠ استثمار ما لديهم من ذخيرة أو بعض منها ليتمتعوا بها وتعود لهم بالنÙع ÙÙŠ مستقبلهم.
سابعا: للمستثمرين، الصغار منهم أو الكبار، المØليين أو الأجانب، الذين يرون أن مجالات الاستثمار ÙÙŠ هذا القطاع السياØÙŠ واعدة.
ثامنا: للدليل على ما جاء أعلاه هو أن نخبة من أصدقائي ومعارÙÙŠ المستوطنين ÙÙŠ بريطانيا والمغرب قد اشتروا منازل ÙÙŠ المناطق السياØية ÙÙŠ أسبانيا لقضاء عطلهم وأوقات Ùراغهم Ùيها وقد أصبØت استثمارا ناجØا لهم.
تاسعا: التشجيع والإقبال على هذه المواقع ÙŠØÙز الأقرباء والأصدقاء على الØذو Øذو من سبقهم ÙÙŠ التوجه Ù†ØÙˆ هذه الدول والمواقع.
هكذا تبنى القرى السياØية Ù„ØªØµØ¨Ø Ù…Ø¯Ù†Ø§ عامرة تدب Ùيها الØياة بعد ما كانت مناطق جرداء أو بنايات خاوية داخل المدن التي تتوÙر Ùيها المقومات السياØية.
أين مواقع الإقامة السياØية؟
لقد مَنَّ الله تعالى على شعوبنا الإسلامية بالأنهر وينابيع المياه العذبة والكثير منها ذو خصائص علاجية تشÙÙŠ الكثير من الأمراض، وقرى الإقامة السياØية تكون على مقربة من هذه المواقع وهي:
أولا: ضÙا٠الأنهر التي تسيل Ùيها المياه بلا انقطاع عبر التاريخ الإنساني وهي معروÙØ© بأسمائها عالميا، مثل دجلة والÙرات والنيل وغيرها.
ثانيا: مناطق ينابيع المياه العذبة.
ثالثا: البØيرات ÙÙŠ الجبال والسهول على اختلا٠مكوناتها.
رابعا: المناطق التي تغمرها المياه، مثل مناطق الأهوار ÙÙŠ العراق والمعروÙØ© طوال التاريخ الإنساني.
خامسا: الواØات الغنية بالمياه ÙÙŠ وسط الصØراء القاØلة، مثل ما تزخر بها صØارى مصر وليبيا وتونس وصØارى دول عربية وإسلامية وغيرها.
سادسا: سواØÙ„ البØار التي تØيط بعالمنا من كل صوب.
سابعا: المدن التي أخذت تقام Ùيها بنايات الإقامات السكنية المتعددة الطوابق والتي زاد العرض على الطلب Ùيها، وذلك بسبب ضع٠القوة الشرائية للمواطنين ومعوقات سياØØ© الإقامة للأجانب.
ثامنا: السكن العمودي الذي تÙرضه قلة المساØات المتوÙرة لغرض البناء، مثل لبنان.
تاسعا: الجبال التي تتميز بالهواء النقي والبرودة المطلوبة للذين يعيشون ÙÙŠ مناطق ترتÙع Ùيها درجات الØرارة ÙÙŠ الصي٠بشكل لا يطاق، والجبال الشاهقة التي تتوÙر Ùيها الثلوج لإقامة المهرجانات الشتوية وألعاب التزØلق عليها.
عاشرا: السياØØ© الدينية وهي Ø¢Ùاق سياØية واعدة سلطت الأضواء عليها مجلتكم هذه وموقعها الألكتروني، Ùماذا تقدم لمشاريع الإقامة السياØية؟
إن هناك ما يقارب المليار والنص٠من المسلمين منتشرين ÙÙŠ أنØاء المعمورة وإن أمنية كل مسلم وخاصة المتقدمين ÙÙŠ السن أن يقضوا Ùترات من عمرهم أو بقية عمرهم ÙÙŠ مناطق تسود Ùيها الأجواء الإيمانية الروØانية، وهذه الأجواء تتوÙر غالبا ÙÙŠ جوار الكعبة المشرÙØ© والمدينة المنورة وأضرØØ© أهل البيت والأولياء الصالØين. ولو نظرنا ÙÙŠ التاريخ البعيد والقريب كي٠كانت مواقع هذه الأضرØØ© وما Øولها وكي٠نمت وازدهرت وأصبØت مدنا يؤمها ملايين المسلمين مرات ومرات ÙÙŠ Øياتهم، من داخل البلد أو من أقاصي العالم ولم يبالوا بتØمل المشاق وتجود أنÙسهم بالمال ÙÙŠ سبيل الله وإعمار هذه المناطق. إن ÙÙŠ عقيدة كل مسلم هو الاستثمار لوجه الله جل جلاله والØياة الأبدية Øيث إنها تجارة لا تبور، Ùأي باب من أبواب الاستثمار والانتعاش الاقتصادي لهذه المناطق، وأي Ùرص توسع عمراني يساهم به المسلمون ÙÙŠ توسيع دوائر المدن ÙÙŠ هذه المناطق التي أنعم الله عليها وباركها برÙات أهل بيت النبوة والأولياء الصالØين ورÙع مكانتهم ÙÙŠ الدنيا والآخرة Øيث أقيمت وتقام عليها أضخم الأضرØØ© ويتوجه لزيارتها المسلمون من كل Øدب وصوب.
لابد للقارئ أن يتسائل من أين نأتي بالأموال لتØقيق ما ورد أعلاه لبناء هذه المجمّعات السكنية Ù„Ø¥Ù†Ø¬Ø§Ø Ù…Ù† مثل هذه المشاريع والكثير من سكان هذه المناطق لا يملكون سكنا أو مأوى ولا Øتى العيش؟ والإجابة هي أن العالم يشهد اليوم غنى الكثير من الأشخاص الذين يملكون مؤسسات اقتصادية لا نظير لها عبر التاريخ، Ùقد وصلت ملكيات بعض الأÙراد إلى المليارات ولم تعد كلمة المليونير صÙØ© الغناء الÙاØØ´ بل Øلت Ù…Øلها كلمة الملياردير. وقد شمل الرÙاه الاجتماعي الملايين من البشر بنسب متÙاوتة ما بين الشعوب، بالرغم من المجاعة والÙقر المدقع الذي يعيشه الكثير من الناس ÙÙŠ مختل٠بلدان العالم. ومن الطبيعي أن يسعىكل Ù…ÙŽÙ† لديه مال لاستثماره Ù„Ù„Ø±Ø¨Ø ÙˆÙ„Ø¶Ù…Ø§Ù† مستقبله ÙÙŠ الشيخوخة. كما أن الشركات والأÙراد يبØثون عن Ø£Ùكار ÙˆÙرص عمل ليتوجهوا لها ÙÙŠ أي مكان ÙÙŠ العالم وكل ما ÙŠØتاجونه هو Ø£Ùكار وبرامج عمل واضØØ© ومعلومة ومدعومة من قبل الدولة بقوانين Ù…Ùصلة لكي يعملوا على ضوئها. وهذا الوضع عام شامل لذا Ùبلورة Ùكرة صناعة سياØØ© الإقامة أو الإقامة السياØية هي Ùكرة قابلة للاستثمار ÙÙŠ دول العالم والبلدان العربية والاسلامية على وجه الأخص.
ما هو المطلوب؟
ينبغي لكل دولة تريد الأخذ Ø¨Ø§Ù„Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø£Ø¹Ù„Ø§Ù‡ أن تدعم وزارة السياØØ© Ùيها، أو تأسيس وزارة تضع تØت تصرÙها الإمكانيات للقيام بكل ما مطلوب منها، ومنها بلورة مشاريع سياØØ© الاقامة أو الإقامة السياØية، وهي كما يلي:
1- تعمل كشÙا كاملا على خارطة الدولة للبØØ« عن المواقع المناسبة لتأسيس القرى السياØية.
2- أن تقدم كل بلدية إلى وزارة السياØØ© ما لديها من مشاريع إقامة عمارات سكنية أو مجمعات السكنى ÙÙŠ داخل Øدودها وخارجها معدةً من قبل دوائرها أو من قبل المستثمرين.
3- لا بد من تØÙيز الإعلام، بكل أنواعه، لنشر أخبار هذه المشاريع والطلب من المواطنين والهيئات والمؤسسات المساهمة ÙÙŠ بلورة هذا النشاط وإنمائه.
4- على ضوء ما تØصل عليه من معلومات عن المواقع والأسس لإقامة السكن السياØÙŠ تضع المخططات لعرضها ومناقشتها على هيئة خاصة لدراستها تتكون من الوزارات المعنية، مثل التخطيط والمالية والداخلية والصناعة وغيرها، ورÙع توصياتها أو إقرارها.
5- تشجيع ودعم المكاتب الهندسية لأن تتبارى وتتناÙس ÙÙŠ تقديم المخططات والإبداعات الهندسية لمختل٠المناطق المختارة بالتنسيق مع دوائر الدولة المعنية.
6- تعلن هذه القوانين والأنظمة والمشاريع المقترØØ© على الشركات العالمية والمØلية والدولية وعلى الأÙراد.
7- وتتضمن هذه القوانين والأنظمة الاعÙاء الضريبي من الرسوم وغيرها خلال تأسيسها ولمدة ØªØªØ±Ø§ÙˆØ Ù…Ø§ بين العشرة والخمسة عشرة سنة.
8- لا بد من تسيير عملية تخطيط وتأسيس البنى التØتية جنباً إلى جنب مع تخطيط القرى المذكورة أعلاه وربطها بخطوط مواصلات مع المناطق المجاورة والبلاد.
9- تشجيع المواطنين لاقتناء سكن ثان، وتشجيع المغتربين لاقتناء سكن لهم ÙÙŠ أوطانهم للاستثمار ولقضاء إجازاتهم Ùيها.
10- تشجيع الأجانب من أي بلد كان لشراء بيوت الإقامة السياØØ© ÙÙŠ المواقع أو الأماكن التي يرغبون بها وذلك بمنØهم Ùيزا الإقامة السياØية بمدد مختلÙØ© تزداد تدريجياً ويضع لها القوانين والأنظمة ولا يكون دخول البلد عائقاً أو معرقلاً لإنعاش هذه المشاريع Øيث إنها تعتمد على المستثمرين المØليين والأجانب على السواء.
أخيراً، إن Ø¢Ùاق سياØØ© الإقامة أو الإقامة السياØية لا Øدود لها استثمارياً وسياØياً ÙˆØضارياً، وهي تختل٠كل الاختلا٠عن السياØØ© العابرة Øيث لا يمكن الاعتماد على السياØØ© العابرة ÙˆØدها ÙÙŠ بناء استمرارية الانتعاش السياØÙŠ. والسياØØ© العابرة غالباً ما تتأثر بعوامل المناÙسة والأمور الأخرى التي لا مجال لبØثها ÙÙŠ هذه العجالة إلا أن سياØØ© الإقامة إذا ما ÙØªØ Ø¨Ø§Ø¨Ù‡Ø§ Ùسو٠يطل على أبواب استثمارية وانتعاش اقتصادي ÙˆØضاري. وقد يقال إن لهذا الباب سلبياته التي تؤثر على قيم المجتعمات والبيئة وغيرها، إلا أنه يمكن الØد منها عن طريق التخطيط السليم والأنظمة والتوعية والعين الساهرة من قبل المسؤولين والمواطنين.
وقد يقول بعض القراء إن لا جديد ÙÙŠ هذا المضمار Øيث إن هناك الكثير من المدن السياØية والمباني المقامة والمعدة للبيع للمواطنين وللأجانب، كما هو الØال ÙÙŠ الأردن Øيث قدرت قيمة الاستثمارات ÙÙŠ العقار Ùبلغت ثلاثة بلايين دولار وأول زبناء هذه العقارات هم العراقيون، وتقوم شركات الدول الخليجية بالمساهمة ÙÙŠ الاستثمارات الكبيرة ÙÙŠ مجالات العقار وبناء المدن ليس ÙÙŠ بلدانها ÙØسب بل امتدت إلى البلدان العربية وأركان المعمورة. والهد٠من مقالنا هذا هو إبراز شعار سياØØ© الإقامة أو الإقامة السياØية لكي تتمØور Øولها كاÙØ© المتطلبات القانونية والبنى الاقتصادية والاستثمارية لكي ØªØµØ¨Ø Ø£Ù‡Ù… Øركة عمرانية لكل دولة تتبنى هذا القطاع وتستمر Ùيه.
إنها دعوة مخلصة وصادقة نأمل من المسؤولين ÙÙŠ كل بلد إسلامي وعربي ÙÙŠ وضعها موضع دراسة مستÙيضة على كاÙØ© المستويات لتتØقق وتؤتي ثمارها.
والله ولي التوÙيق.
عبد الصاØب الشاكري |