العدد 15
الإعمار السياØÙŠ
بنت Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±Ø§Øª المتعاقبة عبر التاريخ مواقع ظلت شامخة عبر آلا٠السنين، من قلاع وصوامع وكنائس ومساجد وغيرها مما يتماشى مع اعتقاداتها وتصوراتها عن Ù†ÙØ³Ù‡Ø§ وعن العالم، وتلبية لما جاءت به معتقداتها ÙˆØ§ÙØªØ®Ø§Ø±Ø§ بانجازاتها وانتصاراتها.
لم تكن Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© بمÙهومها Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… من جملة الأسباب التي خططت لأجلها هذه المباني ÙÙŠ الأزمان الغابرة، وإنما Ù…Ùهوم Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© هو Ù…Ùهوم جديد. وأستطيع أن أجزم بأن برج إيÙÙ„ الذي يعتبر رمزاً شامخاً Ù„ÙØ±Ù†Ø³Ø§ لم يكن تصميمه على اعتبارات سياØÙŠØ©ØŒ بل ربما كان نصبه لأمور Ùلكية أو بث إذاعي أو Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© جمالية أخرى تزيد معالم باريس رونقا وجاذبية. وهكذا جميع ما أنشئ من معالم ÙÙŠ دول العالم قبل Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الثانية لم يكن Ù„ØØ³Ø§Ø¨Ø§Øª سياØÙŠØ©ØŒ أي أن الهد٠منه لم يكن استقطاب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† Ø£Ù†ØØ§Ø¡ المعمورة بل كان Ù„Ø·Ù…ÙˆØØ§Øª وطنية وقومية وغير ذلك. والدليل على ذلك أنه لو كانت المباني والمعالم المدنية التي زينت الكثير من المدن الأوربية لغرض استقطاب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØŒ لما اشتعلت Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الثانية وخربت المدن وساكنيها ÙˆØ³ÙŠØ§ØØªÙ‡Ø§.
بعد ما Ù†ÙØ¶Øª أوربا غبار ØØ±Ø¨Ù‡Ø§ وخرجت دولها من قوقعة العزلة ØØªÙ‰ ما بين جيرانها، بدأت ØØ±ÙƒØ© Ø§Ù„Ø³ÙØ± تدب وبدأت Ù…ÙØ§Ù‡ÙŠÙ… Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© تبرز وتتطور واقعياً واقتصادياً وعلمياً. ومن هذا المنطلق بدأت المؤسسات السياØÙŠØ© والدول ÙˆØØªÙ‰ الشعوب ØªØªØØ³Ø³ أهمية هذه المنطلقات Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ© والاقتصادية الجديدة، ÙØ£Ø®Ø°Øª تهتم بما Ø®Ù„ÙØª أجيالها من مواقع وآثار وكنائس وإبراز ونشر Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø§ÙØ© السياØÙŠØ© ما بين شعوبها وزوار دولها.
عندما بدأت زياراتي الصناعية إلى أوربا ÙÙŠ أواسط الخمسينات انخرطت ÙÙŠ Ø³ÙØ±Ø§Øª سياØÙŠØ© أتجول ÙÙŠ مدنها وكنائسها ومواقعها الأثرية من غير أن أخطط لذلك ØÙŠØ« زرت العديد من الكنائس ومنها Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù† ودومو ميلانو وصعدت على سطوØÙ‡Ø§ واطلعت على تماثيلها العملاقة، Ø¨Ø§Ù„Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© إلى اطلاعي من الأعلى على مدنها، وزرت كذلك سانت بول بلندن ودوم كولون ÙÙŠ ألمانيا وغيرها من الكنائس والمقابر مثل مقبرة روما العميقة ØªØØª الأرض ومقبرة نورمندي التي دÙÙ† Ùيها الجنود الذين قتلوا ÙÙŠ معركة ØªØØ±ÙŠØ± ÙØ±Ù†Ø³Ø§. وهكذا استغلت أوربا كل معلمة من معالمها لأجل Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© بغض النظر عن أصولها وانتماءاتها ØØªÙ‰ وصلت إلى زيارة الورش الصناعية ÙˆÙØªØØª أبواب القصور الملكية لاستقطاب الزوار.
ولم تكتÙÙŠ أوربا بما لديها من آثار سياØÙŠØ© ÙØ£Ø®Ø°Øª تعد الدراسات والخطط لإقامة مشاريع جبارة مخصصة لاستقطاب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† الداخل والخارج لا يسع المجال لإدراجها وأكتÙÙŠ بذكر ÙˆØ§ØØ¯Ø© منها وهي ما قامت به بلدية لندن من إنشاء ما يسمى بعين لندن. وهذه العين عبارة عن دولاب هواء كبير تدور Ùيه غر٠زجاجية مقÙلة أو يمكن تسميتها (دواليب أو عربات) تدور معلقة ÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¡ لتمكن Ø§Ù„Ø³Ø§Ø¦Ø Ù…Ù† مشاهدة كل أطرا٠مدينة لندن من الأعلى. وهذه المعلمة السياØÙŠØ© وما جاورها من مطاعم وأØÙˆØ§Ø¶ أسماك (أكواريوم) لم أشاهد من قبل مثيلاً لها من ØÙŠØ« الكم والأنواع والألوان والأØÙŠØ§Ø¡ Ø§Ù„Ø¨ØØ±ÙŠØ© ومعارض الصور ÙÙŠ Ù…Ø³Ø§ØØ© Ù…ØØ¯ÙˆØ¯Ø© تجاور دار بلدية لندن المطلة على نهر التيمس، Ùقد تجلب هذه العين ما لا يقل عن مائة أل٠زائر يومياً ØØ³Ø¨ تقديري. والدخول إليها يكون بثمن ليس بالقليل، ÙØ£ÙŠ Ù…ÙˆØ§Ø±Ø¯ أعطت هذه البقعة المجاورة لدار البلدية ØŸ
هذا هو Ø§Ù„ØØ§Ù„ ÙÙŠ الغرب، Ùلعل أبرز ما أنتجته Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© ÙˆØ§Ù„Ø³ÙØ± ÙÙŠ أوروبا بعد Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الثانية، هو ÙˆØØ¯ØªÙ‡Ø§ وتوØÙŠØ¯ عملتها. Ùما هي مقومات Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© لدينا وما أهمية مقومات إعمارها ضمن خصوصياتنا Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ© والدينية والتراثية؟
لو ألقينا نظرة سريعة على كيÙية نشأة معظم مدننا ذات المعالم البارزة ÙÙŠ يومنا هذا لوجدنا أن معظمها بدأت تنهض نتيجة Ù„Ø§ØØªØ¶Ø§Ù† أرضها جسد إمام أو ØµØØ§Ø¨ÙŠ Ø£Ùˆ ولي من أولياء الله ØÙŠØ« يقصدهم الزوار من كل ØØ¯Ø¨ وصوب لزيارتهم والتبرك بهم والإقامة ØÙˆÙ„ Ø£Ø¶Ø±ØØªÙ‡Ù…. وبذخ سلاطينها وقادتها وميسوريها الأموال ÙÙŠ إعمارها وإعمار مقاماتها ومساجدها وغيرها من المراÙÙ‚ الأخرى، مثل المدارس الدينية، تلبيةً لإيمانهم بأهل بيت النبوة ÙˆØ§Ù„ØµØØ§Ø¨Ø© والأولياء الصالØÙŠÙ† عند الله. وكمثال على ذلك النج٠وكربلاء والكاظمية والسيدة زينب ÙÙŠ دمشق والقاهرة، والمقامات الأخرى وغيرها من المدن، ولا تزال هذه Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© المتصاعدة من الزوار أو ما نسميها اليوم بـ"Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الدينية" ÙÙŠ تصاعد مستمر.
من هذا المنطلق أخذت المملكة العربية السعودية توسع المواقع المØÙŠØ·Ø© بالكعبة Ø§Ù„Ù…Ø´Ø±ÙØ© والمسجد النبوي الشريÙ. كما إنها اهتمت بكل متطلبات Ø§Ù„ØØ¬ والعمرة التي جعلتها على مدار السنة، وأولت هذا القطاع الاقتصادي الهام كل اهتمامها والكثير من استثماراتها ولا يزال المزيد من كنوز مواقع التراث الإسلامي منذ ظهوره ØªØØªØ¶Ù†Ù‡Ø§ تلك الأرض المباركة، وهي تهم كل مسلم. وهذه المواقع تØÙˆÙŠ Ø¬ÙˆØ§Ù†Ø¨ من ØÙŠØ§Ø© الرسول الأعظم (ص) ما بين أهل بيته ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨Ù‡ البررة ØÙŠØ« إن إعمار مقابرهم إعمار للتراث الإسلامي وقيمه الإيمانية التوØÙŠØ¯ÙŠØ© ناهيك عن المردود الاقتصادي الذي يأتي من أعداد الزوار الآتين من بقاع العالم ويعدون بالملايين.
وهذه إيران التي أخذت تخص Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الدينية باستثماراتها ولديها اهتمام كبير بالمزارات والمواقع الدينية الأخرى. وزيارة ÙˆØ§ØØ¯Ø© إلى مدينة مشهد وما وصلت إليه من توسع وعمران وإقبال متزايد من الزوار لهي دليل قاطع بأن الاستثمار ÙÙŠ هذه الØÙ‚ول له خير مردود إن كان على المستوى الاقتصادي أو على صعيد Ø±ÙØ¹ القيم الإنسانية الخيرة لدى المجتمعات المقيمة والزائرة.
ماذا عن العراق ؟
لو نجى الله العراق من هذه Ø§Ù„ÙØªÙ†Ø© البغيضة ÙˆØÙ„ السلام ÙÙŠ ربوعه Ù„Ø£ØµØ¨Ø Ù‚Ø¨Ù„Ø© Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© ÙÙŠ العالم. وبعد إعمار البنية Ø§Ù„ØªØØªÙŠØ© ÙÙŠ ÙƒØ§ÙØ© مدنه وسد ØØ§Ø¬Ø§Øª الناس الضرورية لا بد من أن تتوجه الاستثمارات الكبيرة إلى متطلبات الثورة السياØÙŠØ© وذلك بإعمار Ø§Ù„Ø£Ø¶Ø±ØØ© والمزارات والمواقع الأثرية والمدن ووسائل Ø§Ù„Ø³ÙØ± والتنقل وبناء أضخم الÙنادق والمطاعم استعداداً لاستقبال ملايين الزوار أو Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ù…Ù† الدول المجاورة وأركان المعمورة الأخرى وبذلك Ø³ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù…Ù†Ø·Ù‚Ø© كلها خلية Ù†ØÙ„ تعج بالسياØ.
أخيراً إن الاستثمار ÙÙŠ إعمار المواقع الدينية ومتطلبات Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الدينية والعائلية ÙÙŠ بلداننا أضمن وأكثر Ù†ÙØ¹Ø§ وثوابا لدنيانا وآخرتنا إن شاء الله.
إذا خسرت الدول العربية والإسلامية المعركة السياسية ÙØ¹Ù„يها أن تعمل لكسب المعركة السياØÙŠØ© وهي أم المعارك. وهذا ما كان ÙÙŠ تصوري عندما أقدمت على إصدار مجلة "Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§ØØ© الإسلامية" وتكوين موقعها على الإنترنيت اللذين Ø£ØµØ¨ØØ§ معلمة ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ© يشار إليهما بالتقدير ÙˆØ§Ù„Ù…Ø¯ÙŠØ Ù…Ù† قبل كل من اطلع عليهما.
والله ولي التوÙيق |