آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة


العدد 12

مهرجان ثقافة المسلمين حدث عالمي وليس أمرا محليا

يجري التحضير حاليا في بريطانيا لـ"مهرجان ثقافة المسلمين" الذي دعيت السياحة الإسلامية لحفل التعريف بنشاطاته المقترحة. ومن المقرر أن يقام المهرجان في مختلف ربوع بريطانيا خلال عام 2006، وستكون لندن القلب النابض لحركته، بينما تشهد وقائعه امتدادا إلى مختلف مناطق بريطانيا، لا سيما المناطق المكتضة بالمسلمين، مثل برمنغهام، مانجستر، ليدز، شفيلد وبرادفورد، بالإضافة إلى المدن الرئيسية في اسكوتلندا وويلز. ويدار المهرجان من قبل لجنة مكوّنة من مسلمين وغير مسلمين، من جهات رسمية، مثل وزارة الثقافة البريطانية، والجامعات والمراكز الحضارية، والفنية والرياضية والمتاحف.

 

ويمثل مهرجان ثقافة المسلمين احتفالا بالفنون المتنوعة والعلوم والآداب التي أنتجتها المجتمعات الإسلامية. وهو يعكس الإضافة العالمية للمعرفة والقيم التي ساهمت بها المجتمعات الإسلامية. ويهدف المهرجان إلى التعريف بهذه الإنجازات الحضارية في الأوساط الإسلامية وغير الإسلامية.

 

ومن الجدير بالذكر أن المهرجان هو الثاني من نوعه، فقد أقيم المهرجان الأول عام 1976 وكان بعنوان "مهرجان العالم الإسلامي"، وقد كان عدد المسلمين في بريطانيا وقتذاك ضئيلا، ولكنه ارتفع اليوم إلى أرقام قياسية، حيث يبلغ عدد المسلمين الحائزين على الجنسية البريطانية قرابة مليوني نسمة، وهم يساهمون في إغناء الحياة الاقتصادية والعلمية والثقافية في بريطانيا. ويمثل المسلمون ثاني أكبر فئة دينية في بريطانيا. ومع ذلك فإن هناك قلة معرفة بالإسلام من قبل الجمهور البريطاني العام، كما أن هناك بعض التصورات السلبية عن الإسلام والمسلمين نتيجة الأوضاع السياسية في العالم الإسلامي، وتوتر الصلات بين العالم الإسلامي والغرب. ويأتي هذا المهرجان ليكون خطوة مهمة في إطار تصحيح الصورة عن الإسلام والمسلمين وتوثيق الصلة بين الجاليات الإسلامية المقيمة في الغرب والمجتمعات التي حلّوا فيها.

 

ومن أهداف المؤتمر:

·        التعريف بالثقافات الإسلامية لدى الجمهور البريطاني وإعادة تقييم إضافاتها للثقافة العالمية وشرح أبعاد التبادل الثقافي بين الإسلام والغرب.

·        جلب المساهمين الكبار في إنتاج المعرفة والفنون في العالم الإسلامي من مختلف الأقطار وتقديمهم للجمهور البريطاني.

·        توليد وإدامة الحوار حول الشؤون المختلفة في داخل الأوساط الإسلامية وبينها وبين الجمهور الغربي العام، وخلق حالة تفاعل تستمر بعد انتهاء المهرجان.

·        تكوين خلفية ضرورية لإنتاج وتحديد الهوية الإسلامية للجالية الإسلامية المقيمة في بريطانيا، وتوجيه مساهمتها في المجتمع البريطاني بشكل عام.

 

وقد أقيم حفل للتعريف بالمهرجان وأهدافه دعيت إليه السياحة الإسلامية، وألقيت فيه كلمات للمنظمين والمدعوين، كما أن العديد من المقابلات جرت على هامش الحفل، وتحدثت فيه السياحة الإسلامية إلى المدعوين، وعلى رأسهم وزيرة الفنون، أستل موريس، ومديرة المهرجان ايزابيل كارليل، وأعضاء السلك الدبلوماسي، لا سيما السفارتين السعودية والبحرينية، ووجوه الجالية الإسلامية وعدد من المسؤولين عن المتاحف والمراكز الثقافية البريطانية، وشخصيات بريطانية من ميادين مختلفة.

 

وقد أكدت السيدة أستل موريس، وزيرة الفنون، في الكلمة التي ألقتها على دور الثقافة في التقريب بين الشعوب وربط الثقافات والتواصل بين الأجيال. وقالت السيدة ايزابيل كارليل، مديرة المهرجان، إن هناك حاجة للحوار بشأن العديد من القضايا العالقة، ومن بينها مواقف الإعلام البريطاني من المسلمين، وقضية الإرهاب، وغيرها. وأشارت كارليل إلى عدد من الفعاليات المرتقبة في المهرجان، وهي تضم فعاليات فنية، مثل الحفلات الموسيقية، والإفلام والمسرحيات، خصوصا عروض فرقة "الخيال" التي تقدم مسرحيات إسلامية من خلال تطويع نصوص صوفية لفريد الدين العطار والرومي للمسرح، وكذلك عروض للحرف التقليدية والفنون الإسلامية، وذكرت كارليل بعضا من المدن التي ستشهد فعالياته، وهي تشمل مختلف نواحي بريطانيا، كما أنها أشارت إلى أن فعاليات المهرجان ستمتد إلى المدارس. ومن أهم المراكز التي ستحتفل ببعض فعاليات المهرجان، المتحف البريطاني، المعهد البريطاني، الأكاديمية البريطانية للفنون، وغيرها. وأضافت كارليل أن المهرجان سوف ينتقل إلى عدد من الأقطار الأوروبية وأمريكا وكندا.

 

وينبغي الخروج من الفهم الضيق لوظيفة المهرجان، ودعوة الدول الإسلامية المختلفة للمشاركة في فعالياته. وإنها لفرصة ثمينة لإشراك الدول الإسلامية في فعاليات ثقافية تهدف إلى التقريب بين الأمم والأديان، في وقت تؤجج فيه الصراعات الدينية والمذهبية والطائفية ويشهد العالم توترات غير مألوفة، ليكون المهرجان معلماً من معالم التواصل والتناغم الحضاري ما بين الأمم، خاصة وإن لندن هي العاصمة العالمية لملتقى الحضارات ومستودع للتراث الإنساني.

ولا بد أن يكون هذا المهرجان نواة لمهرجانات سنوية أخرى تعقد في عواصم العالم الأخرى.

وبعد إنجاح هذه التجربة سوف تتسابق الدول لنيل حضها في انعقاد دورة هذا المهرجان في بلدانها كما تتسابق في الحصول على انعقاد دورة الأولمبياد وذلك لكثرة المزايا التي تعود على البلد المضيّف لهذا المهرجان. ومن أهم فوائده هي الانطلاقة السياحية حيث سيجلب هذا المهرجان المشاركين والزائرين من جميع أنحاء المعمورة. ومن فوائده اطلاع السواح وزوار هذا المهرجان على معالم التراث والحضارة التي تزخر بها بلادهم، وحصول هذا البلد على موقع إعلامي حضاري وثقة ما بين الأمم بما يعزز التعاون الاقتصادي بكل أشكاله.

من هذا المنطلق ندعو المنظمين في بريطانيا لتسخير كافة الإمكانيات لإنجاح هذا المهرجان الذي يعتبر الأول من نوعه ولكي يصبح الأكبر من كل المهرجانات لما فيه من الخير العميم الذي يعود على بريطانيا وعلى أمم العالم. ونقترح في هذا المجال أن يضاف إلى البرنامج الذي أعد سلفا، فكرة أخرى، وهي أن يستفاد من الهايد بارك بأكمله الذي يقع في قلب لندن بجعله مركزاً للمهرجان، تشارك فيه كافة الدول الإسلامية ودول العالم التي لديها من التراث الإسلامي الشيء الكثير، في مخيمات خاصة لكل منها بالحجم الذي تراه كل دولة من هذه الدول وذلك على حسب عروضها وإمكانياتها المتطلبة لإنجاح معروضاتها وفعالياتها، وعلى الحكومة البريطانية الممثلة في وزارة التراث البريطاني وبلدية لندن وكافة المعنيين في هذا المهرجان أن يقدموا كافة التسهيلات اللازمة بتقديم المواقع المناسبة لإقامة هذه المخيمات في الهايد بارك للدول المشاركة ومؤسساتها، وكذلك المؤسسات البريطانية، التي ستشارك فيه، مثل أجنحة خاصة بالمتاحف والحدائق وذلك بدون أية كلفة، أو بكلف زهيدة تشجع هذه الدول ومؤسساتها على المساهمة في المهرجان.

 

لماذا الهايد بارك؟

يفضل أن تكون قمة فعاليات المهرجان في شهر تموز/ يوليو ولمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وأفضل مكان له هو متنزه الهايد بارك الذي يقع في وسط لندن. وجعل الهايد بارك مركزا للمهرجان ينطوي على فوائد كثيرة، منها:

 

1.     إن الهايد بارك يقع في وسط أسواق لندن الرئيسية وهذا مما يشجع زوار المهرجان للتسوق، كما أنه يدفع المتسوقين في تلك الأسواق لزيارة المهرجان والاطلاع على أجنحته.

2.     إن موقع الهايد بارك يتوسط جملة من أرقى الفنادق ودور السكن.

3.     يحيط بالهايد بارك عدد من محطات الأنفاق والباصات ويمكن توفير مرائب لوقوف السيارات الخاصة وغيرها من تسهيلات حركة النقل.

4.     من الممكن أن يقسّم الهايد بارك إلى مواقع، وكل موقع فيه يمثل قارة معينة، فتلون مخيماته بلون معين، مثلاً القارة الأفريقية، العالم العربي، آسيا، أوروبا، وأمريكا. وكل موقع من هذه المواقع تقام فيه فعاليات الدول المشاركة من تلك المنطقة والقارة.

5.     بالإمكان إضافة فعاليات سياحية أخرى، مثل زيارة القصور الملكية والحدائق الكبرى ومدن الألعاب وغيرها مما لا يخالف القيم الإسلامية، وذلك عن طريق وضع أجنحة أو كشكات للتعريف ولاستقبال وتجميع الزوار ونقلهم بواسطة الباصات السياحية إلى هذه المواقع.

وهناك الكثير من الفوائد التي سيكتشفها منضمو المهرجان عند اعتمادهم الهايد بارك كمركز لانطلاقة المهرجان، وستظهر جلياً تلك الفوائد أثناء قيام المهرجان وبعده.

 

وعند تبلور وضع خطط وهيكلية مهرجان ثقافات المسلمين لا بد للدول الإسلامية أولاً، ودول العالم التي تشتمل على التراث الإسلامي والمهتمة بمعالمه، من أن تتسابق للاشتراك في المهرجان، وأن تعتبره فرصة كبرى لإبراز معالمها التراثية والحضارية ليعود عليها بالخيرات السياحية التي سيفتح أبوابها هذا المهرجان. وليكن هذا المهرجان نموذجا لمهرجانات سنوية تحتضنها عواصم أخرى حول العالم.

إن مجلة السياحة الإسلامية وموقعها الالكتروني المميز سوف تسخران إمكانياتهما في تغطية فعاليات وأخبار المهرجان والمشاركين فيه، لكي تجعل من هذا المهرجان معلماً من المعالم المهمة في خارطة السياحة العالمية.

 

والله ولي التوفيق

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.